في إطار الحملة المتواصلة لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي، نجحت قوات التحالف الدولي مؤخراً في توجيه ضربة جديدة للشبكات الاقتصادية التابعة للتنظيم في شرق سوريا. وفي المستجدات، تمكنت قوات التحالف الدولي من إلقاء القبض على أحد جامعي الإتاوات في محافظة الحسكة.
وأكدت مصادر ميدانية متطابقة أن المتهم كان يقوم بممارسة الابتزاز ضد المدنيين عبر التهديد بالإيذاء والقتل لإجبارهم على دفع إتاوات مالية، ليقوم بعد ذلك بتحويل هذه الأموال إلى قيادات التنظيم.
وبعد عملية مراقبة دقيقة لتحركاته، تمكنت القوات الأمنية من مداهمة مخبئه والقبض عليه، حيث عثر بحوزته على معدات إلكترونية ووثائق مزورة.
وتأتي هذه العملية في سياق سلسلة نجاحات حققتها قوات التحالف الدولي بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) خلال العام الجاري، كان أبرزها القبض على أحد أهم قادة التنظيم في مدينة الرقة، والذي كان يشغل منصباً قيادياً في الهيكل الاقتصادي للتنظيم، حيث تولى إدارة الشؤون المالية في المدينة ومحيطها.
وفي سياق متصل، نجحت القوات المشتركة في تفكيك خلية لوجستية خطيرة في ريف دير الزور الغربي كانت متخصصة في تزويد التنظيم بالأسلحة والذخائر، في محاولة لتمكينه من تنفيذ عمليات ضد قوات قسد والمدنيين في المنطقة.
وذكر مصدر خاص من أبناء المنطقة الشرقية لمنصة SY24، أن تنظيم داعش ما يزال يفرض الإتاوات من خلال ما تُسمى (الكلفة السلطانية)، مشيراً إلى وجود عصابات تفرض الإتاوات على المدنيين والتجار وأصحاب رؤوس الأموال.
وأضاف أن بعض العناصر تنتحل صفة التنظيم لتحصيل الإتاوات من الناس عبر الترهيب والتهديد بقوة السلاح، موضحاً أن التنظيم يركز بشكل أساسي على فرض الإتاوات على مستثمري آبار النفط في مناطق جنوب الرقة ودير الزور.
وأوضح المصدر أن الإتاوات تُعد أحد أهم روافد التنظيم المالية، مشدداً على أن عمليات التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) تظل “ترقيعية”، كونها تستهدف شخصيات من الصفين الثاني والثالث، وليس القيادات الرئيسية، مما يجعل القضاء على ظاهرة الإتاوات أمراً صعب المنال.
واستشهد المصدر بحالة المدعو “أبو بكر طابية”، الذي كان يفرض إتاوات على الأهالي ومستثمري آبار النفط في مناطق دير الزور، وعلى الرغم من اعتقاله في عملية إنزال للتحالف الدولي بالريف الشمالي لدير الزور، إلا أنه خرج من السجن بعد ثلاثة أشهر مقابل دفع مبلغ 60 ألف دولار.
وأكد المصدر أن القضاء على هذه الظاهرة يتطلب برامج ومتابعة أمنية حقيقية، حسب تعبيره.
ونوّه المصدر إلى أن عناصر التنظيم يستخدمون أرقام اتصال وهمية عبر تطبيقي واتساب وتلغرام لتهديد الناس وإجبارهم على دفع الإتاوات.
وأشار إلى أن التنظيم يعاني حالياً من فقدان قياداته الأساسية، مما جعله يعتبر مناطق شرق وغرب الفرات مصادر رئيسية لجمع الإتاوات والأموال.
وأضاف أن التنظيم يعتمد في تمويل نفسه بشكل رئيسي على الإتاوات المالية من التجار ومستثمري آبار النفط، مع وجود من يدفع هذه الإتاوات سراً.
ولفت المصدر إلى أنه منذ عام ونصف، يحاول التنظيم استغلال الأوتار الدينية والقومية والعاطفية والإنسانية والتعليمية ضد قوات سوريا الديمقراطية، بهدف استقطاب الفئات الشابة الصغيرة وتجنيدهم في صفوفه.
ووسط كل ذلك، ورغم الهزيمة العسكرية التي مني بها التنظيم في عام 2019، إلا أنه لا يزال يحاول الحفاظ على وجوده من خلال خلايا نائمة وشبكات تجنيد سرية.
وقد تم خلال الفترة الماضية اعتقال العديد من الأشخاص المشتبه بتورطهم في عمليات تجنيد ونشر أفكار التنظيم بين السكان المحليين.
ويؤكد مراقبون أنه رغم النجاحات المتتالية في تفكيك شبكات التنظيم، إلا أن التهديد الأمني لا يزال قائماً، مما يستدعي يقظة مستمرة من القوات الأمنية وتعاوناً وثيقاً مع المجتمعات المحلية لمنع أي محاولات لإعادة تأسيس وجود التنظيم في المنطقة، وقد أشاد الأهالي بدور هذه العمليات في الحد من النشاط الاقتصادي لداعش وخلاياه.