تواجه الأسر السورية تحديات مالية مضاعفة خلال فصل الشتاء، حيث تتعدد احتياجاتها لتشمل الملابس الشتوية، ومصاريف التدفئة، والمستلزمات المدرسية والجامعية. إضافة إلى الضروريات اليومية، وسط أوضاع اقتصادية صعبة، وارتفاع مستمر في الأسعار وتراجع كبير في القدرة الشرائية. مما يزيد من صعوبة تلبية هذه المتطلبات في ظل ازدياد معدل الفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في الشمال السوري:
تتضاعف احتياجات العائلات شمال غربي سوريا. حيث أشارت إحصائيات فريق “منسقو استجابة سوريا” إلى ارتفاع أعداد السكان المحتاجين للمساعدات الإنسانية في المخيمات إلى 4.4 مليون نسمة، ما يمثل حوالي 80% من السكان في هذه المناطق. تتنوع احتياجاتهم بين توفير الملابس الشتوية ومواد التدفئة، مع مواجهة صعوبات في تأمين الضروريات الأساسية.
التحديات التي تواجه الأسر في توفير الملابس الشتوية:
تحدثنا “هدى محمد”، وهي أم لأربعة أطفال يقيمون في تجمع سكني غرب مدينة الدانا شمال إدلب، عن الصعوبات التي تواجهها في تأمين كسوة الشتاء لأطفالها هذا العام. بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الملابس الشتوية تقول: إنها “تحتاج إلى حوالي 30 دولاراً لشراء ملابس شتوية لكل طفل”. ما يعني حاجتها إلى 120 دولاراً لأطفالها الأربعة، وهو مبلغ كبير لا تستطيع تحمله مع محدودية الدخل.
ارتفاع أسعار الملابس في الأسواق:
رصدت مراسلتنا في المنطقة أسعار بعض قطع الملابس الشتوية، حيث تراوح سعر المعطف النسائي بين 30 و50 دولاراً، والبيجامة للأطفال بحوالي 10 دولارات، والنسائي منها بـ 15 دولاراً، كما بلغ سعر الجاكيت الصبياني نحو 15 دولاراً، مع اختلاف الأسعار حسب المحلات التجارية وجودة القطع، فيما تظل الأسعار منخفضة نسبياً في الأسواق الشعبية والبسطات، رغم انخفاض الجودة.
الخيارات المتاحة للعوائل ذات الدخل المحدود:
تدفع هذه الظروف كثيراً من العائلات إلى خيارات أقل تكلفة، مثل التوجه نحو سوق الملابس المستعملة “البالة” حيث تتوفر الملابس بأسعار منخفضة نسبياً، كما يلجأ الأهالي إلى الأسواق الشعبية والبازارات للحصول على الملابس والأحذية والكثير من الحاجات الأساسية بتكلفة أقل، في ظل ارتفاع الأسعار وصعوبة تلبية الاحتياجات الأساسية.
لايختلف الأمر كثيراً في مناطق النظام حيث كشف عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها عن انخفاض حاد في نسبة مبيعات الألبسة في الأسواق السورية، إذ تراجعت المبيعات بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالعام الماضي، مرجعاً السبب إلى تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين، حيث أصبحت تكلفة تأمين الكسوة الشتوية للعائلة الواحدة تقارب عشرة ملايين ليرة سورية، مما يجعلها عبئًا ثقيلًا يصعب تحمله على معظم العائلات السورية.
أسعار الملابس تفوق دخل المواطن بثلاثة أضعاف:
رصدت مصادر محلية أسعار بعض قطع الملابس في أسواق العاصمة دمشق. حيث وصل سعر المعطف النسائي الشتوي إلى مليون و200 ألف ليرة سورية. وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف راتب موظف حكومي. يعكس هذا الواقع الفرق الهائل بين الأجور وأسعار السلع الأساسية، مما يساهم في تدهور المستوى المعيشي للمواطنين ويزيد من معدلات الفقر والتهميش.
ارتفاع الأسعار يعمق الركود ويفاقم الكساد في الأسواق:
ومع استمرار هذا الوضع، تتفاقم الفجوة الاقتصادية في ظل غياب الحلول والخطط الاقتصادية الفعالة من قبل الجهات المسؤولة لتخفيف معاناة المواطنين. إذ أشار عضو مجلس الإدارة في غرفة صناعة دمشق خلال حديثه لصحيفة “الوطن” الرسمية إلى أن هذا التضخم بالأسعار لا يعود بأي فائدة على الصناعيين أنفسهم. بل يؤدي إلى تكدس كميات كبيرة من الملابس في الأسواق.
كان مصدر في جامعة دمشق. قد قدّر تكلفة تأمين الكسوة الشتوية ومواد التدفئة لأسرة مكونة من خمسة أفراد بحوالي 20 مليون ليرة سورية. مما يجعل التحديات الاقتصادية أكثر حدة ويزيد من الصعوبات اليومية للعائلات.
85 بالمئة من العوائل عاجزة عن شراء الملابس الشتوية ودعوات لمبادرات مشتركة:
أكد نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في حكومة النظام السوري. أن 85% من العوائل السورية تعاني من العجز عن شراء الملابس الشتوية. وهو ما يجعل التعاون بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني أمرًا ضروريًا لإيجاد حلول لهذه الأزمة المتفاقمة. وقد أشار المسؤول إلى أهمية إيجاد مبادرات مشتركة تهدف إلى تخفيف الضغط عن المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
تتجلى أزمة الغلاء في سوريا في ارتفاع أسعار الألبسة الشتوية بشكل يعجز معه معظم المواطنين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية. ما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم في ظل انعدام الخطط الاقتصادية الفعالة. هذه الأزمة تتطلب جهودًا مشتركة من قبل المعنيين والمجتمع المدني لإيجاد حلول مبتكرة. تساهم في دعم العوائل السورية وتعزيز قدرتها على تحمل هذه الظروف الصعبة.