تشهد مدينة الميادين شرق دير الزور حالة من الاستنفار الأمني والعسكري غير المسبوق. وسط إجراءات جديدة فرضتها الميليشيات المدعومة من إيران. مما يثير مخاوف متزايدة بين صفوف عناصرها المحليين.
وفي تطور لافت، أصدرت قيادة ميليشيا الحرس الثوري في المدينة تعميماً يفرض على جميع العناصر المحليين، بمن فيهم الإداريين وحراس المقرات، الخضوع لدورات عسكرية جديدة إجبارية، حسب شبكات محلية.
وتشمل هذه الدورات تدريبات متخصصة في مجالات الرشاشات والأسلحة الثقيلة والمدرعات، حيث تمتد كل دورة لمدة 20 يوماً.
وقال الباحث في الشأن العسكري رشيد حوراني لمنصة SY24: “يعود محاولة إيران إجبار المنتسبين إليها للخضوع لدورات عسكرية في الميادين إلى أمرين: الأول أنها تحاول المناورة وإيهام إسرائيل أنها قللت من حجم نفوذ ميليشياتها في سوريا، ولكسب مصداقية لهذه المناورة، وعملية الإيهام تقوم بإجبار العناصر المحلية على اتباع دورات بهدف الوصول بمستواهم إلى مستوى عناصر الميليشيات التي كانت تعتمد عليهم، بينما كان العناصر المحليين (السوريين) يقومون بمهام الحرس والمهمات الخدمية والعمليات على الخطوط الأولى خاصة في البادية مواجهة داعش، وبعد رفع مستواهم يتم الاعتماد عليهم ولكن تقوم هي بإدارتهم وتوجيه الأوامر لهم وتكليفهم بالمهام مستندة على ما تمنحه لهم من رواتب وامتيازات، وبنفس الوقت يستمر مشروعها الرامي إلى تغيير البنية المجتمعية لمناطق انتشارها التي تقوم على أساليب متنوعة لنشر التشيع”.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر محلية عن إخضاع مجموعة مكونة من 35 عنصراً من “اللواء 47” لدورة تدريبية متخصصة في مجال الصواريخ، تحت إشراف قيادي من الميليشيات الإيرانية.
وتجري هذه التدريبات في منطقة الحيدرية جنوب المدينة، التي تتميز بموقعها الاستراتيجي قرب مستودعات الحرس الثوري في قلعة الرحبة والمطار الزراعي.
وأثارت هذه التدريبات الإجبارية موجة من القلق بين صفوف العناصر المحليين، الذين يتخوفون من احتمال إرسالهم إلى نقاط عسكرية جديدة في البادية السورية أو مناطق المعارك.
ويأتي هذا في وقت تسعى فيه ميليشيا الحرس الثوري إلى تعزيز تواجدها قرب منطقة التنف وطريق حقل T2.
وقال الناشط السياسي مصطفى النعيمي لمنصة SY24: “أعتقد بأن الميليشيات الإيرانية بشكل عام وخاصة العاملة في سوريا تخشى من مسألة الاستهداف من قبل التحالف الدولي، وبالتالي تحاول الانخراط ضمن تشكيلات محلية تسعى من خلالها للاستخدام كمصدات عسكرية لمنع الاستهداف الدولي، ومن أجل ذلك أصبحت مجبرة على العمل مع تلك الميليشيات المحلية وبنفس التوقيت هي تريد مسك البادية السورية عموما وهذا يتطلب أن يكون لديها من أهالي المنطقة من يعملون ضمن صفوفها، وهي بذلك تحقق هدفين: الأول توفير الحماية اللازمة لتلك الميليشيات العاملة أو التي تتحرك من وإلى الحدود السورية العراقية وصولا إلى العمق السوري، وبنفس التوقيت تجمع الولاءات من خلال تقديم المال وتحفظ تحركاتها من خلال استثمار وجود هؤلاء المقاتلين”.
وأضاف: “أن هذه التحالفات تأتي ضمن سياق تحالفات الضرورة لكلا الجانبين، فالجانب السوري يبحث عن من يقوم بتأمين الحماية اللازمة له في هذه البادية واسعة النطاق، والجانب الآخر يسعى لاستثمار وجودهم لمنع استهدافهم من قبل التحالف الدولي”.
وفي ظل هذا التصعيد العسكري، تشهد المنطقة تشديداً أمنياً ملحوظاً تمثل في تسيير دوريات مشتركة، الأمر الذي أثار استياء السكان المحليين.
وعبّر الأهالي عن سخطهم من الممارسات التعسفية لهذه الدوريات، التي تركز على مضايقة المدنيين العاديين، في حين تتجاهل القضايا الأمنية الحقيقية والجرائم الخطيرة التي تحدث في المنطقة.
ويعكس هذا الوضع المتوتر حالة من عدم الاستقرار المتزايد في المنطقة، مع استمرار الميليشيات في تعزيز قبضتها العسكرية وفرض المزيد من الإجراءات الأمنية المشددة على السكان المحليين والعناصر المنتسبين إليها على حد سواء، وفق مراقبين.
الجدير ذكره، أن سكان الميادين يعانون الإهمال والفقر في ظل سيطرة النظام وحلفائه، في حين تشير التقارير إلى أن ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني وحكومة النظام السوري يركزان على تعزيز نفوذهما العسكري والسياسي في المنطقة، متجاهلين احتياجات السكان الأساسية والتنمية الاقتصادية.