رغم بداية العام الدراسي الجديد، يضطر مئات الأطفال في إدلب للعمل بدلًا من الجلوس على مقاعد الدراسة، حيث تجبرهم ظروف الحياة الصعبة والفقر المتزايد على تحمل مسؤوليات تفوق سنهم في السعي لتأمين لقمة العيش.
روتين يومي شاق:
في كل زاوية تقريبًا من شوارع إدلب، يمكن رؤية الأطفال يعملون في أعمال شاقة مثل بيع البسكويت أو التسول، أو البحث بين النفايات عن مواد قابلة للتدوير.
“أحمد”، طفل في الثانية عشرة من عمره، يعمل في جمع النفايات في حاويات مدينة إدلب، يقول: “أبدأ يومي الساعة السادسة صباحاً، أبحث عن البلاستيك والمعادن لأبيعها، وأحياناً أعمل حتى وقت متأخر لأساعد عائلتي”.
ويضيف أن “هذا العمل يؤثر بشكل كبير على صحتي البدنية، ويعرضني أحيانًا لجروح في يدي بسبب الزجاج المكسور الموجود في القمامة”.
أسباب تواجد الأطفال في الشوارع:
في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، تعاني العديد من الأسر من عدم القدرة على توفير أساسيات الحياة. مما يدفع الأطفال لتحمل مسؤوليات تتجاوز أعمارهم.
يعتبر الفقر وفقدان المعيل من أهم العوامل التي تدفع الأطفال إلى الشارع، يتحدث “أبو خالد”، والد أحد الأطفال العاملين في شوارع إدلب، عن سبب خروج ابنه للعمل، قائلاً: “بعد أن فقدنا مصدر رزقنا، اضطررت لإرسال ابني ليساعدني، رغم أنني كنت أود أن يذهب إلى المدرسة”.
استغلال وعنف يومي:
يتعرض الأطفال في الشوارع للعديد من المخاطر، منها الاستغلال وسوء المعاملة. يروي الطفل ياسين (10 سنوات): “تعرضت للضرب من شخص كنت أحاول بيع علبة محارم له”.
تتفاقم المشكلة بغياب الحماية والأمان، ما يعرض الأطفال للعديد من التحديات اليومية التي تشكل تهديداً حقيقياً لحياتهم.
الأثر النفسي والاجتماعي:
يؤدي تواجد الأطفال في الشارع إلى تأثيرات نفسية مدمرة، حيث يشعر الأطفال بالخوف، القلق، وعدم الاستقرار.
المرشدة النفسية “بتول”، 31 عاماً، تعمل مع منظمة إنسانية في إدلب. تقول: “الأطفال الذين نعالجهم يعانون من آثار نفسية شديدة؛ الكثير منهم يعاني من الاكتئاب والخوف من المستقبل”. وتضيف أن “هذا الواقع يحرمهم من الفرص الأساسية للتعلم والنمو الصحي”.
جهود المنظمات المحلية:
تحاول بعض المنظمات المحلية والجمعيات الإنسانية تقديم يد العون لهؤلاء الأطفال من خلال برامج تعليمية ورعاية نفسية.
تقول “بتول” إنهم يحاولون تقديم الدعم النفسي والتعليم الأساسي للأطفال في الشوارع، لكن الحاجة تفوق بكثير الإمكانيات المتوفرة.
توفر هذه الجمعيات بيئة آمنة للأطفال وتمنحهم بعض الاستقرار العاطفي، رغم أن الحاجة أكبر من أن تلبى بالكامل.
بالرغم من الجهود المبذولة من قبل المنظمات الإنسانية لتوفير بيئة آمنة ودعم تعليمي ونفسي لهؤلاء الأطفال. إلا أن حجم المعاناة أكبر من أن يتم تجاوزه بسهولة.
يحتاج الأطفال في إدلب إلى حلول شاملة ومستدامة تعالج أسباب الفقر وتوفر فرصاً تعليمية ورعاية صحية حقيقية. لتمكينهم من تجاوز هذا الواقع القاسي.
إن مساعدة هؤلاء الأطفال ليست مجرد مسؤولية محلية. بل هي واجب إنساني يتطلب تضافر الجهود الدولية لضمان مستقبل آمن ومستقر لهم. بعيداً عن شوارع لا ترحم طفولتهم وحقوقهم الأساسية.