يشهد شرق سوريا تصعيداً ملحوظاً في العمليات العسكرية والأمنية، حيث تتزامن هجمات تنظيم داعش المباغتة مع عمليات التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية لملاحقة خلاياه النائمة.
تكثيف الهجمات على المواقع الاقتصادية شرق سوريا:
وتتركز الهجمات على استهداف القطاع الاقتصادي، وخاصة صهاريج النفط، إضافة إلى المواقع العسكرية في المنطقة الممتدة من دير الزور إلى القامشلي.
وفي تطور لافت، شهد الطريق الواصل بين الرقة والحسكة، هجوماً نوعياً استهدف خمسة صهاريج محملة بمواد نفطية.
ونفذ الهجوم مسلحان مجهولان على دراجة نارية، مما أدى إلى أضرار مادية وانسكاب الحمولة النفطية على الطريق، دون وقوع إصابات بشرية.
ويعتبر هذا الطريق شرياناً حيوياً لنقل النفط من مناطق شمال شرق سوريا إلى مناطق سيطرة النظام السوري.
عمليات قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي ضد داعش:
وبالتوازي مع تصاعد هجمات التنظيم، كثفت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بالتعاون مع التحالف الدولي عملياتها الأمنية بدعم من التحالف الدولي.
وفي عملية نوعية في القامشلي، نجحت “قسد” في اعتقال “كرم المشّوط”، أحد عناصر التنظيم المنحدر من مدينة البوكمال شرقي دير الزور.
وحسب بيان مركز “قسد” الإعلامي، فإن المعتقل متورط في عمليات أمنية مزعزعة للاستقرار وكان يخطط لهجمات جديدة في المنطقة.
كما شهد ريف دير الزور الشرقي تصعيداً في العمليات العسكرية، حيث قُتل ثلاثة عناصر من قوات النظام في حادثتين منفصلتين.
ففي مدينة البوكمال، اقتحم مسلحون مجهولون منزل عنصراً في الفرقة 17 وأردوه قتيلاً، وفي هجوم آخر ببلدة محكان، قُتل عنصران من ميليشيا “الفرقة الرابعة” برصاص مسلحين مجهولين على دراجة نارية.
تحليل استراتيجي حول استهداف الخطوط الاقتصادية:
وقال الناشط السياسي مصطفى النعيمي لمنصة SY24: “أعتقد بأن زيادة معدل الاستهدافات المتبادلة ما بين داعش والنظام في البادية السورية ستزداد تدريجيا وذلك وفق تكتيك استخدمه النظام المتمثل باستدعاء الإرهاب لمحاربته لإثبات الوجود في قدرته على مكافحته، وذلك من خلال البيئة الحاضنة في البادية السورية واسعة النطاق، فالعمليات العسكرية التي يطلقها النظام باتجاه البادية السورية الهدف الاستراتيجي منها هو استجداء الدعم الروسي لمواجهة تنظيم داعش، وفرض النظام السوري كشريك رئيسي في تلك العملية للوصول إلى السيطرة الكاملة على تلك المنطقة وصولا إلى دير الزور ومنها إلى البوكمال، بحيث تخضع تلك المنطقة للسيطرة شبه الكاملة للنظام كواجهة، ولإيران كمشروع استراتيجي يربط إرهاب المحور الإيراني من سوريا إلى العراق وذلك لبقاء الطريق الدولي فعالا لنقل الأسلحة الايرانية القادمة من العراق إلى سوريا ومنها إلى لبنان، وبالتالي استثمار هذا المتغير ليس من بنية النظام وإنما يقف خلفه بشكل مباشر المحور الإيراني بمكوناته المتعددة”.
ورأى أن: “ظهور التنظيم في هذا التوقيت بالتحديد مع زيادة الضربات تجاه الإرهاب الإيراني ومحوره، هو عباره عن تكتيك إثبات الوجود لا أكثر وهدفه الرئيسي واضح المعالم هو منع الولايات المتحدة وحلفائها من السيطرة على الطريق الدولي الرابط ما بين كل من “القائم البوكمال” الحدوديين لمنع تدفق الأسلحة القادمة إلى الميليشيات في سوريا ولبنان”.
ويشير تزامن هذه الهجمات مع استهداف البنية الاقتصادية إلى استراتيجية منظمة يتبعها تنظيم داعش لإضعاف الموارد الاقتصادية في المنطقة وإرباك الوضع الأمني.
كما يبدو أن التنظيم يستغل الظروف الجغرافية الصعبة في البادية السورية وتعقيدات المشهد الأمني لتنفيذ هجمات سريعة ومباغتة، حسب مراقبين.
من جهته، قال الكاتب والمحلل فراس السقال لمنصة SY24: “المسألة في سوريا باتت أكثر من معقدة، والذي أراه في هذه المسألة: أن جميع المحافظات والمناطق السورية داخلة ضمن الأوضاع الصعبة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، والمنطقة الشرقية السورية ليست بمعزل عن هذه التطورات، فجميع اللاعبين يريدون حصتهم بالسيطرة والتواجد والتوسع في جغرافيا هذه الكعكة الدسمة”.
وتابع: “أما بالنسبة لتنظيم الدولة والذي نراه ينشط في أوقات مصيرية حساسة هو أيضاً داخل اللعبة، فهو الواجهة للقوة المؤثرة والضاربة في كلّ مناطق الحروب والكوارث”.
وزاد موضحاً: “تأتي عملية استهداف خط النقل النفطي ضمن معركة السيطرة، فأمريكا تدعم قسد، وقسد تدعم النظام السوري، وتتم بينهما التجارة النفطية، وكأن أمريكا بذلك تريد حصر نظام بشار بقناة واحدة لمدّه بالبترول، ألا وهي قسد، وبذلك تتحكم أمريكا بجميع اللاعبين في المنطقة”.
ووسط كل ذلك، تواجه القوى الأمنية المختلفة في المنطقة، سواء قوات سوريا الديمقراطية أو قوات النظام وميليشياته، تحدياً متزايداً في مواجهة هذه الهجمات المتنقلة والسريعة، في حين تشير العمليات الأمنية الأخيرة إلى تنسيق متزايد بين القوات المحلية شرق سوريا والتحالف الدولي لمكافحة خلايا التنظيم النائمة.