في خضم الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي يعاني منها سكان إدلب، بدأ العديد من الشباب والشابات البحث عن بدائل للدخل بعيدًا عن الوظائف التقليدية المحلية. ومع تزايد الاعتماد على الإنترنت وفرص العمل عن بُعد عالميًا، بدأ الأهالي في استكشاف هذا المجال كوسيلة لتحسين ظروفهم المعيشية.
دوافع التوجه نحو العمل عن بُعد:
لم يكن العمل عن بُعد خيارًا شائعًا في إدلب سابقًا، إلا أن تدهور الأوضاع الاقتصادية وندرة فرص العمل التقليدية دفعت بالكثيرين للبحث عن بدائل جديدة. أصبحت هذه الوظائف عن بُعد ضرورية لتأمين دخل إضافي، حيث ساهمت بعض المنصات الرقمية في توفير فرص عمل للشباب، سواءً في الترجمة أو التعليم عبر الإنترنت أو التصميم.
يقول حسن الأحمد (27 عامًا)، وهو مترجم مستقل يعمل من منزله في إدلب: “كان من الصعب العثور على عمل مستقر في ظل الأوضاع الراهنة، لكن عبر الإنترنت استطعت التواصل مع مؤسسات خارج البلاد وتقديم خدمات الترجمة.” ويضيف: “أحد أكبر العوائق التي تعرقل عملي هو انقطاع الكهرباء وضعف الإنترنت.”
صعوبات تتعلق بالكهرباء والإنترنت وتحديات أخرى:
رغم الآمال التي يبعثها العمل عن بُعد، يواجه العاملون في إدلب تحديات تتعلق بانقطاع الكهرباء المستمر وضعف شبكة الإنترنت.
يوضح مصطفى الخطيب (34 عامًا)، وهو مصمم جرافيك، أن الكهرباء غير مستقرة، مما يجبر الكثيرين على شراء بطاريات وألواح شمسية لضمان استمرارية العمل، بينما يبقى ضعف الإنترنت عائقًا يحد من قدرتهم على إنجاز المهام بفعالية.
ويقول مصطفى: “أحيانًا أضطر للعمل ليلًا بسبب ضعف الكهرباء في النهار، وقد فاتتني فرص عديدة بسبب انقطاع الإنترنت خلال الاجتماعات مع العملاء.”
نجاح رغم التحديات:
هناك قصص نجاح لأشخاص في إدلب استفادوا من العمل عن بُعد لتحسين وضعهم المادي، مثل أميرة حسن (25 عامًا)، وهي معلمة لغة إنجليزية عبر الإنترنت.
تقول أميرة: “بدأت بتقديم دروس بسيطة عبر الإنترنت، واليوم لدي مجموعة من الطلاب من مختلف الدول العربية، العمل عن بُعد غيّر حياتي، رغم أنني أعاني أحيانًا من ضعف الشبكة.”
تأثير العمل عن بُعد على الأسر والمجتمع:
أضاف العمل عن بُعد للمجتمع الإدلبي بُعدًا جديدًا. إذ ساهم في تحسين مستوى دخل بعض الأسر، لكنه أثر أيضًا على أنماط حياة الأفراد. أصبح البعض أكثر انعزالًا بسبب تواجدهم المستمر في المنازل. من جهة أخرى، بدأت بعض الأسر تتبنى العمل عن بُعد كخيار يوفّر لها الاستقرار المادي.
تقول مريم، وهي سيدة تعمل في مجال كتابة المحتوى: “أعمل من المنزل منذ سنة تقريبًا، مما أثر على حياتي الاجتماعية. وأصبح من الصعب تخصيص وقت للزيارات العائلية، لكن الفائدة المالية التي جنيتها تستحق.”
كيف يمكن للمنظمات دعم هذا التوجه الناشئ؟
يمكن للمنظمات أن تلعب دورًا حيويًا في دعم العاملين عن بُعد من خلال توفير بيئات عمل مجهزة بالطاقة والإنترنت. أو تقديم ورشات تدريبية لتطوير المهارات اللازمة بعض المنظمات تقدّم دعمًا تقنيًا للأسر. وذلك عبر تزويدها بألواح شمسية وتوفير الإنترنت بأسعار رمزية.
يقول حسن، مدير منظمة محلية في إدلب: “نعمل على توفير برامج تدريب للشباب. وندعم المشاريع الصغيرة المعتمدة على العمل عن بُعد لتخفيف الضغوط الاقتصادية عن الأسر.”
رغم الصعوبات، يثبت العمل عن بُعد أنه خيار واقعي ومفيد للعديد من سكان إدلب، خاصة في ظل التحديات المعيشية الصعبة. ومع استمرار دعم المنظمات والمجتمع، قد يصبح العمل عن بُعد وسيلة فعّالة لتوفير دخل مستدام وتحقيق درجة من الاستقرار المالي.