تزداد وتيرة عمليات الخطف ومحاولات الاغتيال في ريف حمص الشمالي، مما يعكس حالة الفلتان الأمني التي تسيطر على مناطق النظام السوري. يستغل الخاطفون الظروف الاقتصادية المتردية لتحقيق مكاسب مالية، في حين تبدو السلطات عاجزة عن حماية المدنيين.
انتشار عمليات الخطف في ريف حمص
وفي المستجدات، نجا شاب مسؤول في “الحزب السوري القومي الاجتماعي”، من محاولة اغتيال وخطف استهدفته بشكل مباشر.
وبحسب التفاصيل الواردة من مصادر في المنطقة، تعرض الشاب لإطلاق نار كثيف بخمس طلقات بالقرب من مزرعته في منطقة تلبيسة شمالي حمص، في حادثة تعكس تصاعد منسوب العنف في المنطقة.
تحليل عميق للمشهد:
رأى الحقوقي “عبد الناصر حوشان”، أن “هذه الحوادث لا يمكن فصلها عن السياق العام للوضع في محافظة حمص، التي تمثل عقدة مواصلات استراتيجية تربط بين مختلف المناطق السورية شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً”.
وأوضح “حوشان” في تصريح لمنصة SY24: أن “النظام عمد إلى فرض سيطرته على المدينة مستخدماً أدوات متعددة، أبرزها الميليشيات الطائفية والحواجز الأمنية التي يغلب على عناصرها الطابع الطائفي”.
وحول حادثة استهداف الشاب المذكور تحديداً، رجّح “حوشان” أن تكون جزءاً من تصفية حسابات بين أطراف النزاع المسلح والشبيحة، مشيراً إلى العلاقة الوثيقة التي تربط الحزب القومي السوري بميليشيات “نسور الزوبعة” المقاتلة إلى جانب قوات النظام السوري في المنطقة، حسب تعبيره.
وخلال الأشهر الماضية، تعددت حوادث الخطف في مدينة حمص وريفها بشكل لافت، ومن أبرز هذه الحوادث عملية خطف شاب قرب الكراج، حيث طالب الخاطفون عائلته بفدية مالية ضخمة بلغت 4 مليار ليرة سورية، في مؤشر على استغلال العصابات المسلحة للظروف الاقتصادية المتردية التي تعيشها البلاد، وفق عدد من أبناء المنطقة.
عودة العنف إلى الواجهة:
كما سجلت المنطقة سلسلة من عمليات الخطف في ريف حمص الغربي، وتحديداً بالقرب من الحدود اللبنانية السورية، حيث استهدفت العصابات المسلحة المواطنين المتجهين إلى لبنان، مما خلق حالة من الرعب بين السكان وأثر سلباً على حركة التنقل في المنطقة.
ويعكس تصاعد وتيرة هذه الحوادث حالة الفلتان الأمني المتفاقمة في مناطق سيطرة النظام السوري، حيث تظهر السلطات عجزاً واضحاً عن فرض الأمن وحماية المواطنين.
وقد أدى هذا العجز إلى تنامي سلطة الميليشيات المسلحة التي تستغل الحصانة الأمنية الممنوحة لها لتنفيذ جرائم القتل والسرقة دون رادع يذكر.
من جانبه، قال الناشط السياسي “محمد الشيخ”، مهجّر من مدينة حمص إلى الشمال السوري) لمنصة SY24: إن “ريف حمص الشمالي من المناطق التي تشهد حالة عدم استقرار حالها كحال الجنوب السوري (درعا والسويداء)، فظاهرة الخطف مقابل المال تتصدر المشهد وعمليات الاغتيال هي السائدة بين فترة وأخرى، والكل يعلم أن من يقف خلف تلك الأحداث هي أذرع النظام الأمنية وميليشياته، يضاف إليها عمليات التصفية بين الشبيحة أنفسهم أو ميليشيات الدفاع الوطني التي هي على خلاف أصلاً مع الميليشيات والأجهزة الأمنية لأسباب عدة منها تقاسم الحصص من وراء عمليات تهريب المخدرات أو من وراء حماية عصابات الخطف، ومن أجل ذلك فإن المنطقة لن تهدأ أبداً طالما هذه الأطراف المذكورة تسرح وتمرح دون أي رادع أمني أو قانوني يضع لانتهاكاتها حداً نهائياً ينهي قلق ومعاناة المدنيين الذين يدفعون الثمن”.
العوامل الاقتصادية والأمنية ودورها في تفاقم الوضعك
وتشير التحليلات إلى أن الظروف الاقتصادية المتدهورة في مناطق النظام السوري، إلى جانب الحرب المستمرة منذ سنوات. قد أسهمت بشكل كبير في تفاقم الوضع الأمني، إذ خلقت هذه الظروف بيئة خصبة لانتشار الجريمة المنظمة وعمليات الخطف بهدف الحصول على فديات مالية. خاصة في ظل تراجع مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ويرى مراقبون أن سلسلة عمليات الخطف ومحاولات الاغتيال هذه تندرج ضمن سيناريو منظم تقف خلفه أطراف محددة تسعى إلى تحقيق عدة أهداف. أبرزها: زعزعة الاستقرار في المنطقة. بث الرعب بين السكان المحليين، فرض سيطرة ونفوذ خارج إطار القانون. وتحقيق مكاسب مالية من خلال عمليات الخطف والفدية.
ويتوقع المحللون استمرار هذه الظاهرة في المستقبل القريب. خاصة في ظل استمرار الظروف الاقتصادية الصعبة، ضعف الإجراءات الأمنية والرقابية، وغياب المحاسبة القانونية الفعالة. إضافة إلى تداخل المصالح بين مختلف الأطراف المتنفذة في المنطقة. مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة لمواجهة هذا الوضع المتدهور وحماية المدنيين من تداعياته الخطيرة. بحسب وجهة نظرهم.