تعاني العاصمة السورية دمشق من أزمة حادة في توفير وقود التدفئة مع اقتراب فصل الشتاء، إذ يعجز كثير من السكان عن الحصول على حصصهم من الوقود بسبب النقص الحاد في الكميات المتوفرة وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق في سوق دمشق. وفي ظل هذه الظروف يواجه سكان دمشق وريفها شتاءً قاسياً مع ضعف القدرة على توفير بدائل للتدفئة التي سببتها أزمة الوقود.
نقص حاد في كميات المازوت المخصصة للعائلات:
من بين 511 ألف عائلة مسجلة في دمشق، تمكنت 31 ألف عائلة فقط من الحصول على مخصصاتها من المازوت بسعر مدعوم يبلغ 5000 ليرة سورية للتر، وهو ما يمثل جزءاً صغيراً من العائلات المحتاجة، في المقابل، يباع المازوت في السوق السوداء بسعر “حر” يصل إلى 17 ألف ليرة للتر، مما يعني أن تكلفة “البيدون” الواحد تصل إلى 350 ألف ليرة، وهو مبلغ يتجاوز بكثير قدرة العائلات المتوسطة على تحمل نفقاته، خاصة مع انخفاض الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة.
العجز في التوزيع والطلب الكبير على المازوت:
بحسب مجلس محافظة دمشق، فإن الكميات اليومية المتاحة للتوزيع من المازوت لا تتجاوز 48 ألف لتر، وهي كمية لا تلبي سوى طلبين يومياً، في حين أن العاصمة تحتاج إلى 28 مليون لتر لتغطية احتياجات التدفئة لجميع العائلات، ووفقاً للتقارير المحلية، فإن توفير 50 لتراً لكل عائلة عبر البطاقة الإلكترونية يتطلب كمية ضخمة من المازوت، وهو ما قد يستغرق حوالي 18 شهراً لاستكمال توزيع هذه الحصة على جميع الأسر وفق الإمكانيات الحالية.
بطء التوزيع وتداعياته على العائلات:
بلغت نسبة توزيع مازوت التدفئة على العائلات في دمشق منذ بداية الشهر الماضي حوالي 6% فقط. وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالمعدل المستهدف الذي حددته لجنة الخدمات والذي يفترض أن يصل إلى 11% يومياً. وبهذا المعدل، قد يستغرق توزيع الدفعة الأولى من المازوت للعائلات ما يقارب عاماً ونصف. مما يجعل هذا الشتاء أصعب مما كان عليه العام الماضي ويزيد من معاناة الأهالي بشكل كبير، ومع بطء عمليات التوزيع، يتزايد قلق الأهالي من تفاقم الأزمة مع اشتداد البرد في الأشهر القادمة.
ارتفاع الأسعار وتحديات الشراء من السوق الحرة:
تفاقمت الأزمة بسبب الزيادة الأخيرة في سعر لتر مازوت التدفئة من 2000 ليرة إلى 5000 ليرة. ما جعل الوضع أكثر تعقيداً للأسر التي تواجه صعوبة في شراء المازوت من السوق المدعوم. وفي الوقت نفسه، يتوفر المازوت في السوق الحرة بأسعار تصل إلى ثلاثة أضعاف السعر المدعوم. حيث يعجز معظم المواطنين عن شرائه بسبب ارتفاع تكلفته التي أصبحت تفوق قدرتهم الشرائية.
تُظهر هذه الأرقام والبيانات حجم الأزمة التي يعيشها سكان دمشق، والذين يعتمدون بشكل أساسي على المازوت في التدفئة خلال الشتاء. وفي ظل محدودية التوريدات وارتفاع الأسعار، يبدو أن الوضع سيزداد سوءاً. وسط عجز السلطات عن اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز الإمدادات وتسريع التوزيع، وتزداد المخاوف من شتاء قاسٍ. حيث يُترك المواطنون في مواجهة شتاء بارد ومعاناة مستمرة ليبقى التدفئة حلمًا صعب المنال للكثيرين من أهالي دمشق.