تتعمق معاناة مرضى السكري في شمال غرب سوريا يوماً بعد يوم، في ظل استمرار الحرب وقسوة التهجير القسري، حيث تتضافر الظروف الإنسانية القاسية مع تحديات المرض المزمن، لتشكل أزمة صحية متفاقمة تهدد حياة آلاف المرضى في المنطقة.
وبحسب ما أكده الدفاع المدني السوري، فإن عمق فجوة الاحتياجات الإنسانية اللامتناهية يلقي بظلاله الثقيلة على واقع مرضى السكري في المخيمات، الذين يواجهون تحديات متعددة في رحلتهم مع المرض.
وأكدت مصادر طبية وإنسانية في شمال سوريا لمنصة SY24 على أن مرض السكري، باعتباره من الأمراض المزمنة، يتسبب بمشاكل عصبية تؤثر على مختلف الحواس، من ضعف البصر إلى التهاب الأعصاب الطرفية.
ويزداد الوضع تعقيداً مع تطور المرض لدى بعض المرضى من الدرجة “ب”، التي تُعالج بحبوب تنظيم وحرق السكريات، إلى الدرجة “أ” التي تتطلب العلاج بالأنسولين حصراً.
وهنا تبرز إحدى أخطر المشكلات التي يواجهها النازحون، إذ يفتقد الكثيرون منهم إلى الرعاية الصحية الأساسية والأدوية الضرورية.
وفي حديث خاص لمنصة SY24، كشف الدكتور مأمون سيد عيسى، الطبيب والناشط في المجال الإنساني، عن عمق المأساة التي يعيشها هؤلاء المرضى.
وأشار إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم توفر أدوية السكري بشكل منتظم، مما يجبر المرضى على إهمال علاجهم، ما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.
وأوضح أن المضاعفات طويلة المدى تشمل مشاكل القلب والأوعية الدموية، مع ارتفاع خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وتصلب الشرايين.
كما يواجه المرضى خطر اعتلال الكلى والشبكية، إضافة إلى مشاكل القدم السكري التي قد تصل في بعض الحالات إلى البتر.
وأضاف أن معاناة المرضى تتضاعف بسبب صعوبة حفظ الأنسولين في ظروف صحية مناسبة، نظراً لعدم توفر البرادات في المخيمات بسبب انقطاع الكهرباء.
وبيّن أن هذا الوضع يؤدي إلى تلف الأدوية، خاصة في فصل الصيف، مما يفقدها فعاليتها ويعرض المرضى لمخاطر صحية جسيمة.
وفيما يتعلق بالنظام الغذائي، أكد الدكتور سيد عيسى على أن المرضى يواجهون صعوبة كبيرة في الالتزام بالحمية الموصي بها لمرضى السكري، فالأطعمة الصحية مثل لحوم الدواجن والأسماك والبيض ومنتجات الألبان منخفضة الدسم والمكسرات، أصبحت بعيدة المنال بسبب ارتفاع أسعارها.
وقد تفاقم الوضع بشكل كبير بعد تخفيض عدد السلال الإغاثية الشهرية من 350 ألف سلة إلى 40 ألف سلة فقط في بداية العام الحالي، حسب تعبيره.
ولفت إلى ظاهرة مقلقة في المخيمات، حيث يعتمد النازحون بشكل أساسي على الأطعمة المقلية، وخاصة البطاطا والباذنجان المقلي، وهي أطعمة ترفع مستوى السكر في الدم بشكل كبير.
وأكد على أن ضعف الرعاية الصحية في المنطقة يزيد من تفاقم الوضع، حيث يفتقر المرضى إلى المتابعة الطبية المنتظمة.
وفي ظل ضعف الرعاية الصحية في المنطقة وغياب المتابعة الطبية المنتظمة، تتزايد تداعيات المرض على المصابين، مما يجعلهم عرضة لمضاعفات خطيرة قد تهدد حياتهم، وفقاً لكلام الدكتور مأمون.
وتتعالى الأصوات من الشمال السوري للتنبيه بأن هذا الواقع المأساوي يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً وتدخلاً إنسانياً فورياً لإنقاذ حياة هؤلاء المرضى، عبر تأمين الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، وتوفير الدعم الغذائي المناسب، وتحسين ظروف الرعاية الصحية في المخيمات.