تتصاعد أصوات المناشدات والاستغاثة من أصحاب الهمم والاحتياجات الخاصة، الذين يواجهون حملات مستمرة من الضابطة البلدية تستهدف مصادر رزقهم البسيط المتمثل في بسطاتهم الصغيرة.
ووثَّق نشطاء محليون حالات عديدة لأصحاب البسطات من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين باتوا يعيشون في حالة من الخوف والقلق الدائم من مداهمات مفاجئة قد تسلب منهم مصدر رزقهم الوحيد.
وفي واحدة من الحالات المؤثرة، تمت مصادرة جرة غاز وماكينة قهوة من بائع “إكسبريس” من أصحاب الهمم، مما دفعه للقول بحسرة: “أصبحت أراهم في منامي وأشعر بالخوف الدائم من أي حملة مفاجئة تستهدف مصادرة مصدر رزقي الوحيد”.
وحول ذلك، أكد الناشط السياسي أحمد البكار (أحد أبناء الرقة) لمنصة SY24، على حجم المأساة الإنسانية التي تعيشها هذه الفئة، قائلاً: “تسيطر حالة من الفقر المدقع على المنطقة، مع شح فرص العمل وضعف الأجور، وما زاد الطين بلة ارتفاع أعداد المعاقين من متضرري الحرب، في ظل تخلي السلطات عن مسؤولياتها تجاههم”.
وأضاف: “من المهم جداً تأمين ما يلزم لهذه الفئة التي تعاني حالها كحال الكثير من الفئات التي تواجه الكثير من التحديات الاقتصادية والمعيشية، وبالتالي لا يجب تركهم يعملون على (البسطات) بل يجب توفير غرف غيرة مسبقة الصنع أو أكشاك لهم تعينهم على ظروف الحياة الصعبة وتساعدهم على تأمين مصاريفهم الشهرية، أي تحويلهم إلى أشخاص منتجين فاعلين بدلا من أن يكونوا من الفئات التي تعتمد على المعونات أو سلة الإغاثة أو غيرها من المساعدات الأخرى”.
بالمقابل، تفاعل المجتمع المحلي بقوة مع معاناة أصحاب الهمم، حيث وجه العديد من الأهالي رسائل قوية للضابطة البلدية، جاء في إحداها: “ليس كل من يعمل في الأسواق متجاوزاً أو مجرماً يستحق الملاحقة والقمع، هؤلاء أشخاص بسطاء يحاولون توفير لقمة العيش لأسرهم بوسائل مشروعة”.
وأثارت هذه النداءات تساؤلات عديدة حول الهدف من تطبيق القانون، حيث علق أحد النشطاء قائلاً: “عندما تصادرون أدوات بسيطة من شخص يُعيل أسرته أو يعاني ظروفاً خاصة، هل فكرتم للحظة ماذا سيحل به وبعائلته؟ هل تسعون لتطبيق القانون أم لنزع لقمة العيش من أفواه الجائعين؟”.
ووسط هذه المعاناة المتصاعدة، تتعالى الأصوات المطالبة بإيجاد حلول عاجلة تحفظ كرامة أصحاب الهمم وتضمن استمرار مصدر رزقهم، وتتضمن المقترحات: إصدار تراخيص خاصة ميسرة لأصحاب الهمم، تخصيص أماكن منظمة لبسطاتهم، إعفاءهم من الرسوم والغرامات، وتوفير تسهيلات وإرشادات لتنظيم أعمالهم.
كما تعالت الأصوات متوجهة للمسؤولين في البلدية والجهات المعنية للتدخل السريع ووقف الممارسات غير المقبولة بحق هذه الفئة الضعيفة من المجتمع، فالقانون يجب أن يكون أداة لحماية المواطنين وليس وسيلة لقهرهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بأصحاب الهمم الذين يكافحون بشرف لكسب رزقهم، حسب تعبير كثيرين من سكان المنطقة.
وفي ظل استمرار هذه الممارسات، يبقى مصير العشرات من أصحاب الهمم وعائلاتهم معلقاً، في انتظار استجابة المسؤولين لمطالبهم المشروعة في العيش بكرامة وممارسة عملهم دون خوف أو قلق من الملاحقة والمصادرة، وفق عدد من أبناء المنطقة.
وبشكل عام، يعاني ذوو الاحتياجات الخاصة شرقي سوريا من غياب فرص العمل التي تساعدهم في كسب رزقهم وإعالة عوائلهم، وسط مطالبة الجهات المحلية والخدمية المختصة إضافة إلى المنظمات، بإيجاد الحلول لتذليل الصعوبات التي تواجهها هذه الفئة.
ومؤخراً، أطلق ناشطون من أبناء مدينة الرقة حملة بعنوان “أريد قانوناً”، تستهدف أكثر من 15 ألف شخص من ذوي الإعاقة في المدينة، بحسب القائمين على الحملة التي تهدف إلى إيجاد قانون يكفل جميع حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وواجباتهم.