تعاني المستشفيات العامة في دمشق من أزمة خانقة تعكس تدهور القطاع الصحي في سوريا، حيث ترتفع تكاليف العمليات الجراحية إلى مستويات خيالية رغم الإعلان عن كونها مجانية. ومع غياب الأجهزة والمستلزمات الطبية الضرورية، تتحمل الأسر السورية المثقلة بالأعباء الاقتصادية هذه التكاليف، مما يجعل العلاج حلماً بعيد المنال للكثيرين.
ارتفاع هائل في تكاليف العمليات الجراحية
كشفت صحيفة “تشرين” المحلية عن أرقام صادمة تتعلق بتكاليف العمليات الجراحية في المستشفيات العامة ورغم أن العمليات تُجرى بالمجان على الورق، إلا أن غياب الأجهزة والمستلزمات الطبية يدفع المرضى إلى تحمل تكاليف تأمينها بأنفسهم، وفي إحدى الحالات التي أوردتها الصحيفة، تعرضت سيدة في دمشق لجلطة استدعت إجراء عملية قثطرة وتركيب شبكة، ليتفاجأ ذووها بأن عليهم دفع 25 مليون ليرة سورية لتأمين المعدات اللازمة.
من جهته، أقر نقيب أطباء دمشق بالارتفاع الكبير في تكاليف العمليات الجراحية، مشيراً إلى أن أسعار مستلزمات العمليات كانت سابقاً في متناول اليد، حيث لم تتجاوز تكاليف عملية القثطرة مثلاً ألفي ليرة سورية، أما اليوم، فقد أصبحت بعض العمليات مثل معالجة التشوهات الدماغية وأمهات الدم الدماغية تتطلب أكثر من 200 مليون ليرة، وهو مبلغ خيالي بالنسبة لغالبية السوريين.
أزمة طبية في ظل انهيار اقتصادي
وغالباً ما ترجع مصادر محلية الأسباب الرئيسية لهذا الارتفاع إلى العقوبات الاقتصادية وتراجع القطع الأجنبي، مما يؤدي إلى ندرة المستلزمات الطبية المستوردة وارتفاع تكلفتها بشكل غير مسبوق، كما أن تدهور قيمة الليرة السورية وانخفاض دخل المواطنين يزيد من تعقيد الوضع.
في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط الرواتب الشهرية لمعظم السوريين حوالي 150 ألف ليرة سورية. فإن تأمين 25 مليون ليرة لعملية واحدة يبدو أشبه بالمستحيل. ما يدفع الكثير من المرضى إما إلى الاستدانة أو التخلي عن العلاج. حتى الجمعيات الخيرية التي تسعى لتأمين بعض المستلزمات تواجه ضغوطاً كبيرة نتيجة زيادة الطلب وقلة الموارد.
المستشفيات بين العجز والمسؤولية
رغم الانتقادات الموجهة للمستشفيات. أوضح نقيب أطباء دمشق أن المسؤولية عن هذا الوضع لا تقع على عاتق المريض أو المستشفى بل على النظام الصحي. ككل فالمستشفيات العامة تقدم خدمات أساسية تشمل استضافة المرضى وتأمين الكوادر الطبية وإجراء الفحوصات. لكنها عاجزة عن توفير الأجهزة والمستلزمات بسبب التكاليف الباهظة والميزانيات المحدودة.
معاناة مستمرة وأمل ضئيل في الحلول
يشكل ارتفاع تكاليف العمليات الجراحية في سوريا جزءاً من معاناة أوسع يعيشها المواطن السوري يومياً. وذلك نتيجة الانهيار الاقتصادي وغياب السياسات الداعمة للقطاع الصحي. الذي يعد انعكاساً مباشراً لأزمات شاملة تعصف بالبلاد. ما يتطلب حلولاً جذرية تعيد للقطاع الطبي دوره الإنساني بعيداً عن ضغوط الأزمة الاقتصادية.