وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسالة مباشرة وصارمة لرأس النظام السوري بشار الأسد، محذراً إياه من مغبة الاستمرار في نقل الأسلحة إلى ميليشيات “حزب الله” اللبناني.
وجاءت هذه الرسالة خلال خطاب متلفز، أمس الثلاثاء، أعلن فيه نتنياهو موافقته على وقف إطلاق النار مع لبنان.
وأكد نتنياهو بلهجة تحذيرية شديدة أن “الأسد يجب أن يعلم أنه يلعب بالنار”، مشيراً بوضوح إلى المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها النظام السوري في حال استمر بدعم ميليشيا “حزب الله” اللبناني ونقل الأسلحة إليها.
وتمثل تهديدات نتنياهو للأسد رسالة مبطنة بأن إسرائيل باتت مستعدة لتوسيع نطاق مواجهتها من لبنان إلى سوريا، في محاولة واضحة لإعادة رسم خريطة النفوذ الإقليمي.
ورأى مراقبون أن عبارة “يلعب بالنار” التي أطلقها نتنياهو تحمل في طياتها تهديداً صريحاً للنظام السوري بعواقب وخيمة إذا استمر في دعم ميليشيا “حزب الله”.
كما تكشف هذه التهديدات عن رغبة إسرائيلية في الضغط على رأس النظام السوري بشار الأسد من خلال تهديده بتوسيع العمليات العسكرية، ما يعني أن الرسالة تحمل في طياتها عرضاً ضمنياً للأسد “إما التعاون وتقديم تنازلات جوهرية، أو مواجهة عسكرية قد تهدد بقاء نظامه”، حسب خبراء ومحللين.
وقال رشيد حوراني، الباحث في الشأن السياسي والعسكري لمنصة SY24: إن “تصريح نتنياهو يدل على مسألة التخادم القديم الجديد بينه وبين نظام الأسد، فإسرائيل منذ بداية الثورة لم تكن ترغب في إزاحة النظام والوصول إلى نظام ديمقراطي في سورية، لأن ذلك يشكل تهديداً وجودياً لها، وسماح إسرائيل ومن خلفها أمريكا بدخول الميليشيات الإيرانية لدعم الأسد هو تعبير واقعي على مسألة التفاهم والتخادم بين الطرفين”.
وأضاف: “ونظرا لأن إيران منذ بدأت تدخلها على الساحة السورية اتخذت نقطتين استراتيجيتين لتعزيز حضورها الإقليمي ولتحويلهما لاحقا إلى ورقة تفاوض هما جنوب سوريا وتهديد إسرائيل هناك، وشرق سوريا وتهديد القواعد الأمريكية، وعندما بدأت فعليا بالتهديد الحقيقي بدأت إسرائيل مقابل ذلك اقتلاع التهديد الإيراني في سوريا، من خلال تقليم أذرعها الرئيسية وأولهم حزب الله اللبناني التي أوكلت إليه إيران المهام الرئيسية منذ بداية تدخلها في سوريا”.
وتابع: “وبما أن إسرائيل ومن خلال ضرباتها الجوية على سوريا ولبنان التي تبين امتلاكها لقاعدة بيانات دقيقة عن تحركات إيران وحلفائها. يحاول النظام عبر التمويه والمناورة باستمرار دعم إيران تخوفا منه أن تنقلب عليه. ومن هنا يأتي تحذير نتنياهو لرأس النظام، ويفيد هذا التحذير من يضمن استمرارك في السلطة هو التماهي مع المطالب الإسرائيلية، وليس دعمك لإيران، فدعنا نعمل على تقليم أذرعها”.
وفي سياق تلك التطورات، تراهن إسرائيل على إضعاف ميليشيات “حزب الله” وإيران من خلال سلسلة من الضربات المتتالية. حيث أكد نتنياهو أنهم أعادوا الميليشيا سنوات للوراء وقتلوا ما وصفه بـ “محور المحور” في إشارة إلى متزعم ميليشيا الحزب حسن نصرالله، وفق محللين.
ورأى الناشط السياسي وفي مجال المناصرة يوسف الشامي في حديثه لمنصة SY24: أن “رسالة نتنياهو تحمل تهديداً واضحاً بتوسيع رقعة المواجهة الجغرافية. حيث بات من المحتمل أن تمتد العمليات العسكرية الإسرائيلية من لبنان إلى سوريا. وهو ما يضع رأس النظام بشار الأسد أمام خيارات صعبة: إما التنازل عن حلفائه وتقديم معلومات استخباراتية مهمة، أو المواجهة التي قد تكون مدمرة لنظامه”.
وأضاف: “تبدو المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من التوترات المعقدة. حيث ستكون الدبلوماسية والعسكرة متداخلتين بشكل غير مسبوق. وسط انتظار مثير لكيفية استجابة بشار الأسد وحلفائه لهذه الرسائل التحذيرية والتهديدات الإسرائيلية”.
ويؤكد مركز حرمون للدراسات المعاصرة أن “حزب الله” وإيران يستغلون مناطق سيطرة النظام في سوريا لتحقيق أغراض استراتيجية. كاستخدامها طرقًا لنقل الأسلحة وتخزينها، وقواعد للعمليات العسكرية. لكونها المكان الأنسب لإنشاء غرف عمليات تتضمن قيادات مختلفة من ميليشيا “الحرس الثوري” أو من ميليشيا “حزب الله” اللبناني.
وتسعى إسرائيل إلى الحد من الوجود العسكري لإيران في سوريا. من خلال استهداف منشآت الحرس الثوري الإيراني، والأفراد والمستشارين العسكريين، ومراكز القيادة، ومواقع التدريب. وتهدف هذه العمليات إلى تقليل قدرة إيران على دعم ميليشياتها وإضعاف نفوذها الإقليمي، وفق المركز البحثي.