واصلت فصائل المعارضة السورية ولليوم الثاني تحقيق تقدم ملحوظ في ريف حلب الغربي، في عملية أطلقت عليها اسم “ردع العدوان”، والتي بدأت بالسيطرة على 32 قرية ونقطة استراتيجية بهدف تضييق الخناق على مدينة حلب من محاور عدة.
فصائل المعارضة تسيطر على 32 نقطة استراتيجية
وفتحت فصائل المعارضة، اليوم الخميس، محاور أخرى انتقالاً من ريف حلب الغربي إلى ريف إدلب الشرقي، بهدف تطويق مدينة حلب من الجهة الغربية والجهة الجنوبية (ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي).
ويطفو على السطح تساؤلات عدة من أبرزها: ما الذي يعنيه اقتراب فصائل المعارضة من أبواب مدينة حلب؟ وما الذي سارع في قلب الموازين وتغير الخرائط على أرض الميدان بريف حلب؟
اقتراب المعارضة من أبواب حلب: الأبعاد الاستراتيجية والتداعيات
رأى مراقبون أن التقدم العسكري لفصائل المعارضة السورية على أبواب مدينة حلب يحمل عدة دلالات استراتيجية وسياسية مهمة، إذ يمثل هذا التقدم اختراقاً نوعياً في المشهد العسكري السوري، كما أنه يكسر حالة الجمود التي سادت منذ اتفاق وقف إطلاق النار في آذار/مارس 2020.
ولفتوا إلى أن من أبرز الأبعاد الاستراتيجية لهذه المعركة، هو الاقتراب من مدينة حلب بمسافة 5 كيلومترات ما يهدد خطوط إمداد النظام، وأن السيطرة على 32 قرية بمساحة 245 كيلومتراً مربعاً يوسع نطاق سيطرة المعارضة.
وعن التداعيات المحتملة لهذه المعركة، اعتبر المحللون أن هذا التطور سيفتح الباب أمام إمكانية إعادة تشكيل خريطة السيطرة في ريف حلب، تهديد الطرق الدولية الحيوية مثل الطريق M5، وإمكانية عودة أكثر من 100 ألف مهجر لمناطقهم.
وعن العوامل التي سارعت في قلب الموازين وتغير الخرائط على أرض الميدان بريف حلب، أكد المحللون أن ضعف الاستجابة العسكرية للنظام والدعم اللوجستي والعسكري للمعارضة والاستنزاف المتراكم لقوات النظام، كلها عوامل أدت إلى قلب الموازين.
وحذّر مراقبون من الردود العسكرية وتصعيد النظام وحلفائه، بالقصف من خلال استخدام أسلحة محرمة دولياً كالذخائر العنقودية ومحاولة إرهاب المدنيين وقطع الطريق أمام التقدم.
وأجمعوا على أن هذه التطورات تشير إلى احتمال تحول جذري في المشهد العسكري السوري، وإعادة رسم التوازنات الميدانية.
أبرز المناطق المحررة وتحركات المعارضة الميدانية
بالذهاب إلى التفاصيل الميدانية، سيطرت المعارضة على مساحة 245 كيلومتراً مربعاً، واقتربت من مدينة حلب بمسافة 8 كيلومترات، مع التركيز على مناطق استراتيجية مهمة مثل الهوتة، أورم الكبرى، عنجارة، والفوج 46، مع استمرار السيطرة على بلدات وقرى جديدة منذ صباح اليوم الخميس من أجل إحكام السيطرة على محيط مدينة حلب.
ومن النقاط التي تم السيطرة عليها وتحريرها، اليوم، هي: بلدة كفرجوم بريف حلب الغربي، ثكنة معمل الزيت غربي حلب، قرية الشيخ علي بريف حلب الغربي، كفرناها بريف حلب، داديخ شرق إدلب، كفربسين غربي حلب، اغتنام دبابة “تي 72” من قوات النظام بقرية السعدية غربي حلب، إضافة إلى بدء الهجوم على مواقع قوات النظام السوري في جبل الزاوية جنوبي إدلب.
وفي السياق، تدور اشتباكات متواصلة منذ ساعات الصباح الأولى، على محاور جوباس وسراقب في ريف إدلب الشرقي، في حين أكدت إدارة العمليات العسكرية تدمير 3 راجمات صواريخ لقوات النظام في بلدة خان العسل بالطائرات المسيرة، وتدمير مرابض راجمات صواريخ في مدرسة الشرطة غربي حلب.
وتعد هذه العملية أول اختراق لخطوط التماس منذ اتفاق وقف إطلاق النار في مارس 2020، بحسب مراقبين.
تصعيد النظام وردوده الانتقامية ضد المدنيين
وواجهت قوات النظام السوري خسائر كبيرة خلال المعارك، حيث قُتل أكثر من 15 ضابطاً وعنصراً وفقاً للمصادر الموالية.
وكرد فعل انتقامي، صعّدت قوات النظام وميليشيات إيران والطيران الروسي هجماتهم، مستهدفين المدنيين في 16 مدينة وبلدة شمال غربي سوريا.
واستخدمت القوات الموالية للنظام أسلحة محرمة دولياً مثل الذخائر العنقودية، مما أدى إلى مقتل طفل وإصابة 20 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، وتسبب في نزوح آلاف العائلات من مناطقهم.
وانتقلت المعارك صباح الخميس إلى ريف إدلب الشرقي والجنوبي، مع فتح محاور إضافية بهدف قطع الطريق الدولي M5 عن النظام وقواته، وسط الحديث عن السيطرة على قرية داديخ بريف إدلب الشرقي.
وتؤكد إدارة العمليات العسكرية أن تحرير هذه المناطق سيمهد لعودة أكثر من 100 ألف مهجر إلى منازلهم وأراضيهم في ريفي حلب وإدلب، مما يعزز الأمل في استعادة الحياة الطبيعية.
وتشير هذه التطورات إلى تغيير محتمل في موازين القوى على الأرض السورية، وتفتح الباب أمام احتمالات جديدة في الصراع المعقد، حسب مراقبين.