تُمثّل الحركة التجارية بين المحافظات السورية شريان الحياة الذي يربط المدن والقرى، معززةً التوازن الاقتصادي الذي يعتمد على تنوع الموارد والإنتاج، قبل عام 2011، كانت التجارة تسير بسلاسة نسبية رغم بعض العقبات الحكومية، لكن الحرب وما تبعها من انقسام سياسي وجغرافي أثرت بشدة على هذا القطاع، حيث أصبح نقل البضائع عملاً محفوفاً بالمخاطر، ومع سقوط النظام واستقرار الأوضاع في بعض المناطق، بدأت ملامح انتعاش تجاري تدريجي تظهر.
التجارة في سوريا قبل الحرب
كانت الحركة التجارية في سوريا تُعد أحد أعمدة الاقتصاد المحلي، إذ ربطت الأسواق بين المدن والقرى، ما أتاح تبادل السلع بأسعار معقولة، وتميزت الأسواق بتوفير منتجات محلية كالزراعة والصناعات اليدوية.
ورغم أهمية هذا الدور، كانت هناك تحديات فرضتها السياسات الحكومية مثل البيروقراطية وارتفاع الضرائب على المنتجات، مما أثّر أحياناً على انسيابية التجارة الداخلية، ومع ذلك، لم تكن هذه التحديات تُقارن بما شهدته البلاد خلال الحرب.
تأثير الحرب على الحركة التجارية
مع بداية الحرب السورية، تعرضت الحركة التجارية لضربة قاسية بسبب الدمار الذي طال البنية التحتية، وظهور المعابر بين المناطق المتنازعة، فرضت هذه المعابر جمارك ورسوم غير رسمية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف النقل.
يقول التاجر محمد الأحمد من إدلب:
“نقل البضائع أصبح معاناة حقيقية، الرسوم التي ندفعها على المعابر تُضاعف التكلفة، وتُحمّل المستهلك عبئاً إضافياً، مما يجعل الأسواق تعاني من الركود بشكل ملحوظ”.
كما أدت النزاعات المسلحة إلى انقطاع طرق النقل الأساسية، وظهور اقتصاديات مغلقة في كل منطقة، مما عزز الانقسام التجاري وأضعف الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى ذلك، كانت الطرق بين المحافظات محفوفة بالمخاطر. يقول عدي موسى، تاجر مواد غذائية في إدلب:
“بضائعي تعرضت للمصادرة من قبل حواجز النظام عدة مرات، ما تسبب لي بخسائر كبيرة”.
الانتعاش التجاري بعد سقوط النظام
مع سقوط النظام وتغير الخارطة السياسية، شهدت الحركة التجارية بين المحافظات تحسناً تدريجياً، أدى الاستقرار النسبي في بعض المناطق إلى فتح طرق جديدة للنقل، مما ساهم في تسهيل حركة البضائع.
بدأت الأسواق تستعيد نشاطها بفضل تعاون بعض الجهات المحلية والتجار، الذين عملوا على إعادة بناء العلاقات التجارية بين المحافظات، ما أعطى أملاً جديداً لتعافي الاقتصاد.
الفرق بين الماضي والحاضر
في الماضي، كانت التجارة تعاني من ارتفاع الجمارك التي تفرضها السلطات المسيطرة في كل منطقة، ما أدى إلى صعوبة التنقل وارتفاع أسعار السلع، أما اليوم، فقد أصبحت التجارة أكثر سهولة وأقل تكلفة، حيث لم تعد هناك معابر تفصل المحافظات.
كما تغيرت طبيعة البضائع، حيث أصبحت السلع الأساسية مثل المواد الغذائية تحتل الأولوية مقارنةً بالمنتجات الكمالية، بالإضافة إلى ذلك، ساهمت التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز التجارة الإلكترونية، ما أتاح للتجار عرض بضائعهم والوصول إلى عملاء في مناطق مختلفة، ما أعطى دفعة إضافية للنشاط التجاري.
التطلعات المستقبلية
إن تعزيز التعاون بين المناطق ودعم التجارة الإلكترونية قد يُساهم في إعادة بناء شبكة تجارية أقوى وأكثر كفاءة، مما سيدفع عجلة الاقتصاد السوري نحو التعافي الكامل.