في خطوة تهدف إلى تسهيل الإجراءات الإدارية وتخفيف الأعباء عن الطلاب، أعلنت جامعة دمشق إلغاء العمل بجميع القرارات السابقة التي كانت تُلزم الطلاب بتقديم وثائق تثبت التبرع بالدم أو شهادة “لا حكم عليه” كجزء من متطلبات إتمام معاملاتهم الجامعية، يأتي هذا القرار كجزء من جهود الجامعة لتبسيط الإجراءات الروتينية التي كانت تُثقل كاهل الطلاب وتستهلك وقتهم وجهدهم.
تداعيات القرار وأثره على الطلاب
لطالما أثار التبرع بالدم كشرط لإتمام المعاملات الجامعية جدلاً واسعاً بين الطلاب، حيث عبّر العديد منهم عن معاناتهم من هذا الشرط، خاصةً أولئك الذين يواجهون ظروفاً صحية أو اجتماعية تحول دون قدرتهم على التبرع، بالإضافة إلى ذلك، كان اشتراط تقديم شهادة “لا حكم عليه” يتطلب وقتاً إضافياً وإجراءات معقدة للحصول عليها، ما أدى إلى تعطيل الكثير من المعاملات وتأخير استكمالها.
القرار الجديد حظي بترحيب واسع من قبل الطلاب، الذين وصفوه بالخطوة الإيجابية نحو تخفيف الأعباء البيروقراطية وتحقيق المرونة في الإجراءات الجامعية. يقول “أحمد”، طالب في كلية الحقوق: إن القرار “أزال عبئاً كبيراً عن الطلاب الذين كانوا ملزمين بتلك القرارات الجائرة”، مؤكداً أن التخلص من هذه المتطلبات سيوفر الوقت والجهد للطلاب ويتيح لهم التركيز على دراستهم.
فرحة واحتفالات بين الطلاب
قرار الجامعة كان بمثابة خبر سار للعديد من الطلاب. حيث عبّروا عن فرحتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، واحتفل بعضهم داخل الحرم الجامعي بتوزيع الحلوى تعبيراً عن ارتياحهم. تقول “سمر” طالبة في كلية الآداب: إن “القرار يعكس تفهّم إدارة الجامعة لمشكلات الطلاب وسعيها لتذليل العقبات أمامهم” كما أشادت مجموعات طلابية تحدثنا إليهم بخطوة الجامعة الإيجابية واعتبروها بداية لتحسين العلاقة بين الإدارة والطلاب.
نحو مستقبل إداري أكثر مرونة
القرار الجديد يُعدّ مؤشراً على مساعي جامعة دمشق لتحديث نظامها الإداري بما يتماشى مع احتياجات الطلاب وتطلعاتهم، ومع استمرار النقاش حول تحسين الخدمات الجامعية، يأمل الطلاب أن تكون هذه الخطوة بداية لإصلاحات أوسع تشمل مختلف الجوانب الأكاديمية والإدارية.
مطالب بإعادة النظر في أوضاع الطلاب المفصولين تعسفياً
رغم الترحيب الواسع بقرار جامعة دمشق الأخير، إلا أن هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول مصير مئات الطلاب الذين اضطروا لترك جامعاتهم منذ بداية الثورة السورية، خوفاً من الاعتقال أو الملاحقات الأمنية. هؤلاء الطلاب الذين حُرموا من حقهم في التعليم بسبب مواقفهم السياسية أو مشاركتهم في الاحتجاجات، ما زالوا يعيشون أوضاعاً صعبة، سواء في الداخل السوري أو في دول اللجوء. حيث يواجهون صعوبات في استكمال تعليمهم أو الحصول على الاعتراف بشهاداتهم.
منذ بداية الثورة السورية، أصدرت الجامعات قرارات فصل تعسفية بحق آلاف الطلاب تحت ذرائع مختلفة، أبرزها “الإخلال بالنظام العام” أو “التغيب عن الدوام”. ما أدى إلى حرمانهم من حقهم الأساسي في التعليم، كما رافقت هذه القرارات إجراءات عقابية أخرى، مثل منعهم من دخول الحرم الجامعي أو تقديم الامتحانات. الأمر الذي أثر سلباً على مستقبلهم الأكاديمي والمهني.
يقول “عبد الرحمن” ، طالب سابق في كلية الهندسة، إنه اضطر لترك جامعته في دمشق عام 2012 خوفاً من الاعتقال بعد مشاركته في مظاهرة سلمية. ويضيف: “خسرت سنوات من عمري بسبب قرار تعسفي، ولا يزال حلم استكمال دراستي يراودني.” وتساءل “عبد الرحمن”، مثل غيره من الطلاب المفصولين، عن إمكانية إصدار قرارات تُعيد لهم حقوقهم، سواء من خلال إعادة تسجيلهم في الجامعات أو تعويضهم عن السنوات التي خسروها.
مطالب بإصلاحات شاملة
طلاب ومجموعات حقوقية يدعون إلى اتخاذ خطوات جدية لمعالجة هذا الملف الحساس، الذي يمس شريحة واسعة من الشباب السوري. وتؤكد هذه الجهات أن إصلاح النظام التعليمي يجب أن يشمل إعادة النظر في قرارات الفصل التعسفي، وتوفير ضمانات لعدم تكرار هذه الانتهاكات مستقبلاً.
من جانبهم، يأمل الطلاب أن تكون قرارات مثل إلغاء شرط التبرع بالدم وشهادة “لا حكم عليه” بداية لنهج جديد أكثر عدالة ومرونة، يعيد الشرعية والحق لمن حُرموا من التعليم بسبب سياسات تعسفية مطالبين بإجراءات ملموسة تتيح لهم فرصة استكمال دراستهم والمساهمة في بناء مستقبل سوريا.