شهدت محافظة درعا خلال الأيام القليلة الماضية، سلسلة من المبادرات المحلية التي تعكس إصرار سكانها على النهوض بمدنهم وبلداتهم رغم ما خلفته سنوات الحرب من دمار وإهمال، من الجداريات الغرافيتية التي زينت شوارع المدينة برسائل الحرية والانتصار، إلى حملات التنظيف والتشجير التي أعادت الحياة إلى المناطق المتضررة، إذ تسعى هذه المبادرات لتأكيد روح الصمود والعمل الجماعي.
فن الغرافيتي.. رسائل الحرية والانتصار في درعا
ازدانت جداريات محافظة درعا برسومات غرافيتية تعكس روح الثورة السورية، حيث رسم الفنان “عزيز أسمر” على جدران المجمع الحكومي وسط مدينة درعا لوحات فنية تحمل ألوان العلم السوري وشعارات تشير إلى الحرية والانتصار، مؤكدة على مكانة درعا كـ”مهد الثورة”. هذه المبادرة الفنية لم تقتصر على تجميل المكان، بل حملت رسالة ذات طابع سياسي وإنساني تعبر عن تطلعات الشعب السوري وآماله بالحرية والكرامة. لقد أصبحت الجداريات وسيلة توثيق بصرية تعبّر عن مرحلة تاريخية مهمة، وتوثق معاناة السوريين وأحلامهم بمستقبل أفضل.
مبادرات تنموية لإحياء درعا
تعدّ مبادرة “بصمة نصر” إحدى أبرز المبادرات التطوعية التي انطلقت بجهود أبناء مدينة الحراك شرقي درعا، وعلى مدى أربعة أيام متواصلة. شارك عشرات المتطوعين في تنظيف الطرقات الرئيسية والفرعية وإعادة الحياة إلى المنطقة. هذه المبادرة جاءت كرد فعل شعبي لتعزيز مظاهر الحياة والتنظيم في ظل ظروف معيشية صعبة تعانيها المنطقة. وهي تؤكد على روح العمل الجماعي الذي يمتاز به أبناء درعا، في محاولة لاستعادة ألق المدينة رغم كل التحديات.
خلفية هذه المبادرة تعكس واقعاً أليماً عاشته المدينة نتيجة الإهمال الحكومي والتهميش خلال سنوات الحرب، ما جعل السكان يتخذون زمام المبادرة لتحسين أوضاعهم بأنفسهم. هذه الجهود تُبرز الأهمية الكبيرة لمشاركة المجتمع المحلي في إعادة بناء ما دمرته الحرب، وتعزز ثقافة المسؤولية الجماعية.
حملة التشجير.. زرع الأمل من جديد
وفي خطوة أخرى لتعزيز مظاهر الحياة، انطلقت حملة تشجير واسعة في بلدة خربة غزالة شرقي درعا، بهدف غرس 300 شجرة في مداخل البلدة وشوارعها الرئيسية. إذ تأتي هذه الحملة كمحاولة لتحسين المظهر العام وإعادة الحياة للبلدة التي تعرضت لدمار وإهمال كبير خلال فترة سيطرة النظام السابق. وجسدت الحملة رغبة السكان في تجاوز آثار الحرب واستعادة طبيعة البلدة كبيئة صديقة للإنسان.
ويمثل التشجير رمزاً للأمل والاستدامة، خاصة في منطقة عانت من شح الموارد وغياب التخطيط. وتأتي الحملة بمشاركة مجتمعية تؤكد على قدرة السكان على العمل يداً بيد لتحقيق أهداف مشتركة، وإرسال رسالة مفادها أن الحياة تستمر رغم كل الأزمات.
أهمية المبادرات المحلية
تكتسب المبادرات المحلية في درعا أهمية استثنائية كونها تعكس وعي المجتمع بدوره الفاعل في تحسين الواقع. فهي ليست مجرد مشاريع عابرة، بل تجسد روح التحدي والإصرار على النهوض بالمدن والبلدات التي عانت من الإهمال والدمار. إن مثل هذه المبادرات، سواء كانت في شكل جداريات تنقل رسائل سياسية واجتماعية، أو حملات تنظيف وتشجير تهدف إلى تحسين البيئة. تعكس تحولاً إيجابياً في تفكير المجتمع المحلي. حيث بات السكان شركاء أساسيين في صنع مستقبلهم.
وتعكس المبادرات المتنوعة في درعا إرادة الحياة لدى أبنائها، وتجسد قدرتهم على تحويل التحديات إلى فرص. وكرديف لجهود الحكومية والمؤسساتية. تبرز هذه الجهود كطريق فعال لإعادة بناء المجتمع المحلي. إذ إن استمرار هذه المبادرات يحمل أملاً بمستقبل أفضل لمحافظة درعا. ويعطي درساً في العمل الجماعي لكل المجتمعات المتضررة في سوريا.