بعد تحرير العديد من المناطق السورية وسقوط النظام في أغلب المحافظات، تواجه الأرياف المحررة، وخاصة أرياف إدلب وحلب، تحديًا خطيرًا يتمثل في الألغام المنتشرة بشكل واسع، خصوصًا في المناطق التي كانت على خطوط التماس، هذه الألغام لا تزال تحصد أرواح المدنيين الأبرياء، وغالبًا ما يكون الأطفال هم الضحية الأكبر.
قبل عشرة أيام، وقع انفجار في أرض مزروعة بأشجار الزيتون في قرية كفر بطيخ بريف إدلب الشرقي، أودى بحياة ستة أطفال، توفي ثلاثة منهم على الفور، بينما أصيب الثلاثة الآخرون بجروح خطيرة، تراوحت بين المتوسطة والحرجة.
تصاعد خطر الألغام في المناطق المحررة حديثًا
انتشار الألغام في الأرياف المحررة يُعد كارثة إنسانية تهدد حياة السكان يوميًا. تحدثنا إلى السيد “عبد الرحمن”، والد أحد الأطفال الذين فقدوا حياتهم في حادثة كفر بطيخ. وقال: “توفي ابني عندما كان يلعب مع أصدقائه في أرض زراعية قرب المنزل، لم أستطع فعل أي شيء لإنقاذه. الألغام تسرق أرواح أبنائنا ونحن عاجزون أمامها”.
ويشير سكان المنطقة إلى وجود كميات كبيرة من الألغام المدفونة عشوائيًا في الأراضي الزراعية. مما يجعل العمل فيها مخاطرة يومية، ويهدد الأرواح بشكل مستمر.
تحذيرات الدفاع المدني للسكان المحليين
تحاول فرق الدفاع المدني حماية السكان من خلال تحذيرات مستمرة وتنظيم حملات توعية حول خطر الألغام، المتطوع “أحمد العلي” صرّح لمنصة SY24 قائلًا: “نعمل على توعية السكان، لكن المشكلة أن الأطفال غالبًا لا يدركون خطورة الأجسام الغريبة، هذا يجعلهم أكثر عرضة للخطر”.
ورغم الجهود المبذولة، إلا أن الوصول إلى المناطق النائية وتعليم الأطفال كيفية التعامل مع هذا التهديد يمثل تحديًا كبيرًا أمام فرق التوعية، ما يستدعي تكثيف الحملات في المناطق المتضررة.
جهود إزالة الألغام وتأمين المناطق
تسعى فرق الدفاع المدني والجهات المختصة إلى تنظيف الأراضي من الألغام، لكن الأمر يتطلب معدات متطورة وخبرات إضافية ووقت أطول. “خالد” أحد أفراد فرق إزالة الألغام. أوضح قائلًا: “نحاول بذل كل جهدنا لإزالة الألغام، لكننا نحتاج إلى وقت طويل حتى يتم تنظيف كافة المناطق المحررة حديثًا، نقص المعدات يمثل تحديًا كبيرًا لنا”.
وأضاف خالد أن الأولوية تُعطى للأراضي الزراعية بسبب اعتماد السكان عليها كمصدر رزق. لكن العملية تستغرق وقتًا نظرًا لحجم التلوث الكبير بالألغام.
دعوات للتعاون ودعم الجهود الإنسانية
التحديات التي تواجهها فرق إزالة الألغام تتطلب دعمًا أكبر من المجتمع الدولي، “محمود” ناشط إنساني في إدلب، قال:
“الدفاع المدني يعمل بأقصى طاقته، لكن حجم الألغام كبير جدًا. نحن بحاجة إلى دعم دولي لتوفير الأجهزة المتطورة وزيادة حملات التوعية”. كما شدد محمود على ضرورة إشراك السكان المحليين في الإبلاغ عن أي أجسام مشبوهة لتجنب المزيد من الحوادث المأساوية التي تودي بحياة الأبرياء.
الألغام في المناطق المحررة تُعتبر قنبلة موقوتة تهدد حياة المدنيين، وخاصة الأطفال. قصص الضحايا التي نسمعها يوميًا تكشف حجم المأساة التي يعيشها السكان. وتؤكد الحاجة الملحة إلى تحرك دولي عاجل لدعم جهود إزالة الألغام وضمان حماية المدنيين. ومع استمرار عمل فرق الدفاع المدني رغم الإمكانيات المحدودة. يبقى الأمل في إنقاذ المزيد من الأرواح مرهونًا بتضافر الجهود المحلية والدولية.