تسارع الحراك الدبلوماسي نحو دمشق في ظل مرحلة انتقالية حاسمة

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تشهد العاصمة السورية دمشق حراكاً دبلوماسياً وسياسياً غير مسبوق، حيث توجهت أنظار العديد من الدول العربية والإقليمية والدولية نحو الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.

واعتبر مراقبون أن هذا الحراك يبرز كخطوة تعكس تغيراً في النظرة العالمية والإقليمية تجاه سوريا، التي تدخل مرحلة انتقالية دقيقة بعد سنوات من الصراع والتوترات.

واليوم الإثنين، أجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي زيارة إلى دمشق، حيث التقى بالإدارة السورية الجديدة.

وتأتي هذه الزيارة كخطوة غير مسبوقة منذ سنوات، مما يعكس إدراكاً متزايداً لأهمية التنسيق بين الأردن وسوريا لتحقيق الاستقرار الإقليمي.

ووصف الأكاديمي عبد الرحمن الحاج، في منشور على حسابه في “فيسبوك”، هذه الزيارة بأنها تحوّل استراتيجي، حيث أشار إلى أن أمن البلدين مرتبط بشكل وثيق، وأن الأردن يعد من أبرز الدول العربية التي تستفيد من استقرار سوريا، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني، حسب تعبيره.

وفي سياق متصل، التقى وفد السفارة البولندية وزير الخارجية السوري الجديد، حيث وصفت السفارة اللقاء بـ”المثمر”.

وأعرب الجانب البولندي، اليوم، عن دعمه للحكومة المؤقتة، مؤكداً على أهمية الجهود المستقبلية لتجاوز التحديات.

وتزامن هذا الحراك مع تقارب أوروبي حذر مع دمشق، حيث باتت الحكومات الغربية تعيد تقييم سياستها تجاه سوريا.

أما الدوحة، فقد أرسلت اليوم أيضاً، وفداً رفيع المستوى برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد الخليفي.

وتمثل هذه الخطوة، حسب مراقبين، تحولاً مهماً في موقف قطر التي كانت من أبرز الداعمين للمعارضة السورية.

وأكد الخليفي التزام بلاده بدعم الشعب السوري، وهو ما يعكس اتجاهاً عربياً نحو إعادة دمج سوريا في النظام العربي، حسب مراقبين.

وتعد زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق، أمس الأحد، تعد دلالة على عمق التحول في العلاقات التركية السورية.

وخلال لقائه بالإدارة الجديدة، أعرب فيدان عن دعم تركيا لتحقيق تطلعات الشعب السوري، مما يشير إلى بداية مرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين، قد تتجاوز الخلافات التي طغت على العلاقات سابقاً.

وعلى الصعيد اللبناني، زار وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، دمشق في خطوة تهدف إلى إعادة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، حيث تعهد أحمد الشرع القائد العام للإدارة الجديدة باحترام سيادة لبنان.

من جهتها، كشفت مصادر حكومية لبنانية عن استعداد وفد رسمي لبناني رفيع المستوى لزيارة العاصمة دمشق نهاية الأسبوع المقبل، وذلك للقاء القيادة الجديدة ومناقشة عدد من القضايا المهمة.

وفي الوقت ذاته، أعلنت مصر عن أهمية دعم سوريا في هذه المرحلة الانتقالية، داعية إلى حشد الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار.

بدوره، أعلن مجلس التعاون الخليجي عن دعمه للجهود الدولية لتحقيق حل شامل في سوريا.

كما باشرت البعثة العراقية عملها مجدداً في دمشق، في خطوة تعكس حرص العراق على تعزيز العلاقات مع سوريا.

وكانت الزيارة الأبرز لوفد أمريكي رفيع المستوى، حيث اجتمع مع أحمد الشرع لمناقشة قضايا أمنية وسياسية.

وأثارت هذه الزيارة اهتماماً واسعاً، إذ تعكس انفتاحاً غربياً تدريجياً نحو الإدارة السورية الجديدة، مع إمكانية رفع تصنيفها من قائمة المنظمات الإرهابية.

ورأت الناشطة السياسية مايا عصملي في حديثها لمنصة SY24: “أن ما يجري في سوريا اليوم هو حراك دبلوماسي فرضته التطورات المتسارعة على أرض الميدان والتي جعلت أنظار العالم عربيا وإقليمياً تتوجه صوب سوريا، فما بعد 8 كانون الأول ليس كما قبله، أي ما بعد سقوط نظام الأسد السابق ليس كما بعده، لأن الكل يعلم أهمية سوريا استراتيجيا وأمنيا بالنسبة لدول الجوار”.

وأكدت على أن التطورات التي تشهدها سوريا غيّرت الموازين وحسابات الدول، ولم تعد سوريا ساحة بريد كما كانت على عهد نظام الأسد السابق، حيث كانت ساحة أخذ ورد بين الدول المتصارعة، بينما اليوم المشهد تغيرا بشكل كبير جدا، حسب وجهة نظرها.

وتتسم التحركات الدبلوماسية نحو دمشق بطابع متعدد الأبعاد، حيث تسعى الدول المعنية إلى تحقيق مصالحها الاستراتيجية، سواء من خلال تعزيز الاستقرار الإقليمي أو فتح قنوات جديدة للتعاون مع الإدارة السورية الجديدة.

ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، بما في ذلك إعادة بناء الثقة بين الأطراف، وإيجاد حلول عملية للملفات العالقة مثل اللاجئين وإعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب.

وحول ذلك، رأى الكاتب والمحلل السياسي، فراس السقال في حديثه لمنصة SY24: “أنه من الطبيعي جداً أن تصبح مدينة دمشق الأصالة والتاريخ مقصد الدبلوماسية والاقتصاد والسياسة بعدما حولها المجرم بشار الوحش إلى غابة ومستنقع يأنف كل من يدخلها منها”.

وأضاف: “سورية بلد لها أهمية عظيمة حضارياً وثقافياً وسياسياً وجغرافياً واقتصادياً واستراتيجياً ومن غير الممكن أن يستغني بلد عن دور سورية إقليمياً وعربياً بل وعالمياً”.

وأشار إلى أن: “الدول التي بادرت واستبقت إلى كسب موطن قدم في الدبلوماسية السورية لدى حكومتها الجديدة في غاية الإنصاف والدراية والإدراك، فسورية اليوم مختلفة تماماً عما كانت عليه بالأمس، وانهيار نظامها الفاسد في المنطقة سيؤذن بهلاك كل نظام يشبهه، وهذا ما جعل تلك الدول للمسارعة لبناء علاقات جديدة، لفهم تركيبة الحكومة الوليدة، فإن كانت تركيبة قوية يصعب إفشالها سعت لمساندتها والوقوف بجانبها لتتقوى بها، وإن كانت هزيلة سعت بإضعافها ووأدها إلى غير رجعة، فالدكتاتوريات العربية لا ينقصها حكم ديمقراطي شعبي عادل حر يُهيج شعوبها عليها وينقض بنيان حكامها، وأسأل الله أن أكون مخطأ في تقديري وأن تكون حكوماتنا العربية في حالة يقظة وصحوة إلى خير العباد والبلاد”.

ووسط كل ذلك، يبدو أن دمشق تشهد إعادة تموضع في خريطة السياسة الإقليمية والدولية، مما يضع الإدارة الجديدة أمام اختبار حقيقي في قدرتها على تحقيق تطلعات الشعب السوري، واستثمار هذا الزخم لتحقيق تحول مستدام نحو مستقبل أكثر استقراراً، من وجهة نظر مراقبين.

مقالات ذات صلة