تحمل الفنانة التشكيلية السورية “رنا حتمل” أوجاع وطنها حيثما حلّت، الوطن يغزو مخيلتها بسيل من صور القتل والدمار والدماء، ومُخيلتها لا تحتمل كلّ هذا البلاء، فتهرب إلى الألوان والخطوط لتعيد توازن الواقع والحياة ولترسم البهجة المفقودة، لكنّ الألوان القاتمة تتسرب من تراب الروح فتولد ملامح كارثة.
رنا حتمل قرأت أسئلة موقعنا SY24 وأجابت عليها بشفافية الفنان
الفنون الحالية منفصلة عن الحياة:
قلنا للفنانة التشكيلية “رنا حتمل” إن الفن تعبير جميل عن واقع لا يبدو جميلاً كالواقع الذي يعيشه السوريون في محنتهم المستمرة، فكيف يتجلى هذا الواقع في أعمالك التشكيلية ؟ فأجابت: “لا بدّ لأي توجهٍ فني أن يعكس واقع الفنان إن صحّ التعبير، واقعنا وأزمتنا في بلدنا سورية أثّرت بالطبع على ما أرسم، هذه نتيجة صحيحة باعتقادي، لم آت بجديدٍ إذ من الطبيعي أن يتأثر الإنسان بمحيطه”.
وأضافت: “رغم أن الفنون المعاصرة باتت تنحى نهجاً مغايراً وباتت تتبع طرقاً مختلفة وتعتمد على عنصر المفاجأة وخلق ما هو غريب أو جديد بغضّ النظر عما إذا حملت هموم الواقع ومحاولة لفت النظر إلى حلول تصبُّ في السياق النفعي ، لذلك فالفنون الحالية منفصلة عن الواقع . هذا ما أردت قوله ببساطة .
وتضيف الفنانة رنا حتمل قائلةً: “بالنسبة للوحاتي في فترة أزمتنا التي نعيشها لم أصوّر الواقع بطريقة مباشرة، ابتعدت قليلاً عن الصور المباشرة المؤلمة مع أنني لم أنجح بهذا بشكل كامل، فلوحاتي حملت كثيراً من الأسى، وطرحتُ موضوع الهجرة القسرية في معرض بيروت 2015، وصوّرتُ حركة الأشخاص الهاربين من ظروف حياة مستحيلة بنظرةٍ خاصة عبّرت عنها حركة الأرجل والأيدي المترافقة مع حركة أجنحة الطيور “الغربان” كدلالة حتمية عن واقع مؤلم حزين. وفي معرض تورنتو تناولتُ علاقة المهاجر مع الأمكنة حيث يترك المكان الذي يعيش فيه (المعلوم) إلى مكان آخر(المجهول) بطبيعة الحال”.
إقصاء غير منتظر
وعن المأساة السورية وما أحدثته من شروخ في وعي السوريين تُجيب رنا حتمل: “أزمتنا في سورية شرخت وعي السوريين، هذا صحيح وأريد أن أذكر هنا أن مأساتنا فرقتنا، بُتنا على حرب دائمة مع من يخالفنا الرأي، والسبب باعتقادي أنّ هذا الخلاف يؤثر بطريقة غير مباشرة على وجود أي طرف من الأطراف ، فيحاول الواحد إزاحة الآخر، وبالتالي هذا نوع من التصفية والإقصاء للأسف، إقصاء غير منتظر من شريحة تُعتبر النخبة المثقفة التي نحن نأمل أن تكون فاعلةً على غير ما أتت به، فاعلة بطريقة ايجابية، لا أن تصبّ الزيت على النار أكثر فأكثر وتجعل الوضع من سيء إلى أسوأ”.
الألم والأمل محورا حياتنا
وسألنا الفنانة التشكيلية رنا حتمل فيما إذا كان لا يزال ثمة أمل يتكثف في لوحاتها يعبّر عن القيامة السورية الجديدة فأجابت: “صوّرتُ هذا الأمل عبر الألوان المضيئة المقابلة للسواد والقاتمة، لربما نكون قادرين على بثّ القليل من الطمأنينة في النفوس بدوام التفكير بغدٍ أفضل، الأمل يظهر دائماً كمرافق لواقع مظلم كثنائية الخير والشر الأزلية، وثنائية السواد والبياض، وثنائية الحرب والسلم. لم أجرؤ على تناول الصور المرعبة مباشرة لكنها ظهرت رغم محاولتي الابتعاد عنها”.
الفنانة رنا حتمل:
فنانة تشكيلية تختص بالرسم
معمارية دكتوراه في التصميم المعماري 2015 من جامعة دمشق (بحث في الجمال المعماري)
أول معرض لي كان في دمشق في خان أسعد باشا 2007 بمشاركة لوحات والدي الفنان الراحل ألفريد حتمل.
شاركت بعدة معارض جماعية في دمشق وبيروت وباريس ومونتريال تورنتو 2007 إلى 2017
أول معرض فردي لي في بيروت عام 2015 في صالة ليروغولييه
معرضي الفردي الثاني في تورنتو 2017 في مسرح ايزابيل بادر.