شرق سوريا.. لماذا أحرقت الميليشيات الإيرانية مقراتها قبل الانسحاب؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

في تطور لافت، قامت الميليشيات الإيرانية بحرق مقراتها العسكرية والأمنية قبل انسحابها من مناطق متفرقة، وعلى رأسها منطقة دير الزور، مما أثار تساؤلات حول دوافع هذه الخطوة وتأثيراتها على الواقع الميداني والممتلكات المحلية.
وجاء هذا الإجراء في إطار تغييرات استراتيجية شهدتها المنطقة، عقب الزحف المتسارع لقوات “ردع العدوان” التي تقدمت باتجاه مدينة حلب ومن بعدها حماة وحمص وصولاً إلى تحرير دمشق، ما دفع بالميليشيات الإيرانية للانسحاب وترك المقرات التابعة لها في كثير من المناطق، وعلى رأسها منطقة دير الزور شرق سوريا.

المقرات المحترقة.. مواقعها وأهميتها

وفقًا لمراسل منصة SY24 في دير الزور، قامت الميليشيات الإيرانية بإحراق عدة مقرات أمنية وعسكرية تابعة لها قبل انسحابها من المدينة. ومن أبرز هذه المقرات: مقر أمني قرب دوار الدلة: يقع عند المدخل الجنوبي لمدينة دير الزور، وكان يُستخدم كمركز لتنسيق العمليات الأمنية، حيث تم إحراق هذا المقر بشكل كامل، بما في ذلك الملفات والوثائق المتعلقة بأنشطة الميليشيات.
مخازن أسلحة ومراكز توزيع: تم حرقها في مناطق مثل البوكمال والميادين، وهي مناطق ذات أهمية استراتيجية للميليشيات الإيرانية، وأضاف المراسل أن بعض هذه المخازن تعرضت سابقًا لقصف من الطيران الإسرائيلي، مما أدى إلى إضعاف قدراتها قبل أن تقرر الميليشيات إحراقها بالكامل، ومقرات ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني: خاصة تلك الموجودة في البوكمال، والتي كانت تُستخدم كقواعد لوجستية وعسكرية
يشار إلى أن مراسلنا وصلته من مصادر خاصة بعض الوثائق والصور من مقرات تتبع للميليشيات الإيرانية في دير الزور، وهي مقرات مدمرة لم تتمكن الميليشيات، على ما يبدو، من حرق ما فيها أو إتلاف ما يوجد من وثائق بداخلها.

تدمير الأدلة ومنع الاستغلال

من جهته، أشار الناشط الميداني بشار الحسن، إلى أن هذه المقرات كانت موزعة على النحو التالي:مقرات الحرس الثوري في البوكمال، مقرات الحزام الأخضر في البوكمال، التي تتبع لميليشيا “الحرس الثوري”، مقرات الميليشيات العراقية التابعة للحشد الشعبي في البوكمال والميادين.
وتشير التصريحات الميدانية إلى أن عملية الحرق جاءت بهدف: تدمير الأدلة فوفقًا لمراسلنا، تم إحراق الملفات والوثائق المتعلقة بأنشطة الميليشيات، وخاصة تلك المتصلة بمحاولات نشر التشيع في المنطقة، وأضاف أن الميليشيات قامت بتفريغ العديد من المقرات والمراكز الأمنية التابعة لها قبل انسحابها، حيث تم إتلافها عبر حرقها في أماكن تجمع القمامة.
كذلك هدفت عملية الحرق إلى منع الاستغلال: وأشار الناشط الميداني بشار الحسن إلى أن الميليشيات الإيرانية أحرقت مقراتها لمنع استغلالها من قبل جهات أخرى، سواء كانت قوات النظام السوري أو فصائل معارضة، مضيفًا أن بعض المقرات تعرضت للنهب من قبل الأهالي قبل وصول إدارة العمليات العسكرية.
ورجح مراسلنا أن تكون عملية الحرق قد تمت بناءً على توجيهات من قيادات عليا في إيران، كجزء من استراتيجية إعادة الانتشار أو التغطية على أنشطة معينة.
وأوضح أيهم طه، وهو ناشط محلي من أبناء دير الزور، أن التواجد الإيراني في المنطقة تعرض للهيكلة وسحب العناصر وإعادة الانتشار عدة مرات خلال العام الماضي، وخاصة خلال الشهرين الأخيرين قبل الانسحاب.
مصير المقرات المحترقة بعد انسحاب الميليشيات
وبعد انسحاب الميليشيات، أصبحت العديد من المقرات المحترقة تحت سيطرة إدارة العمليات العسكرية.
وأوضح أيهم طه أن بعض المقرات داخل المدينة تعرضت للنهب من قبل الأهالي قبل وصول عناصر إدارة العمليات، حيث تم الاستيلاء على أسلحة وذخائر متبقية، أما المقرات الخارجية، خاصة في مناطق مثل الميادين والعشارة وصبيخان، فلا تزال فارغة ولم يتم استغلالها بشكل كامل حتى الآن.
وأضاف طه أن هناك تواجدًا غير دائم لعناصر إدارة العمليات في هذه المقرات، لكنها لم تتحول بعد إلى نقاط دائمة، وأصبحت العديد من المقرات التي كانت تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية الآن تحت تصرف الحكومة السورية.
وأشار بشار الحسن إلى أن بعض هذه المقرات قد يتم تحويلها لاستخدامات عسكرية أو مدنية في المستقبل، خاصة تلك التي تقع داخل المدن، أما المقرات التي اشترتها الميليشيات عن طريق سماسرة محليين، فقد عادت ملكيتها إلى الدولة السورية، مع احتمال إعادتها إلى أصحابها الأصليين أو تحويلها إلى مرافق عامة.

إعادة الأملاك إلى أصحابها الأصليين

كما عادت العديد من المنازل التي كانت تحت سيطرة قادة الميليشيات إلى أصحابها الأصليين، حيث أكد أيهم طه أن بعض هذه المنازل كانت فارغة عند استعادتها، بينما تعرضت أخرى للنهب من قبل الأهالي قبل وصول قوات إدارة العمليات العسكرية.
وعملت إيران منذ دخولها إلى سوريا على استخدام القوة الغاشمة والناعمة لتعزيز نفوذها، خاصة في مناطق مثل دير الزور، ومع انسحابها، يبدو أن إيران تحاول التخلص من الأدلة التي قد تُستخدم ضدها، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.

تراجع نفوذ وفرصة لإعادة البناء

من جهة أخرى، أشار الأكاديمي عبد الرحمن الحاج، أواخر العام الماضي، إلى أن الوجود العسكري الإيراني في سوريا كان كبيرًا، حيث كانت تتركز قوات الحرس الثوري في 14 محافظة سورية، مع وجود مكثف في مناطق مثل دير الزور وحلب وريف دمشق. ولفت إلى أن عمليات إعادة الانتشار الأخيرة (قبل انطلاق عملية ردع العدوان لغرفة إدارة العمليات العسكرية) تشير إلى تراجع جزئي في النفوذ الإيراني، خاصة في ظل الضغوط الدولية والإقليمية.
ويعد انسحاب الميليشيات الإيرانية من شرق سوريا وحرق مقراتها علامة على تراجع نفوذها في المنطقة، وفي الوقت الذي يفرح فيه أهالي دير الزور بخروج الميليشيات، تبقى التحديات قائمة في إعادة بناء ما دمرته سنوات من الصراع.

مقالات ذات صلة