مع سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، تحوّل لبنان إلى ملاذ مؤقت لعدد من كبار المسؤولين الأمنيين السوريين الذين فرّوا من دمشق، في محاولة لتجنب الملاحقة من قبل السلطات السورية الجديدة.
وتؤكد مصادر مطلعة أن ضباطًا بارزين من أجهزة الأمن والمخابرات السورية، ممن كانوا جزءًا من المنظومة الأمنية للنظام السابق، دخلوا إلى لبنان عبر معابر غير شرعية، وسط حديث عن حصولهم على حماية من أحزاب محلية موالية لدمشق.
تحركات إيرانية لحماية الفارين وتأمين ممر آمن إلى طهران
وفي ظل هذه التطورات، برز دور إيراني لافت في متابعة أوضاع هؤلاء المسؤولين السابقين. فقد حلّ نائب وزير خارجية إيران للشؤون القنصلية والبرلمان، وحيد جلال زاده، ضيفًا مفاجئًا في بيروت، حيث التقى وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، والمدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري.
ورغم أن المسؤول الإيراني ركّز في تصريحه الرسمي على وضع اللاجئين السوريين في لبنان، كشفت مصادر مطلعة لـصحيفة “الشرق الأوسط” أن الزيارة تحمل هدفين أساسيين، الأول يتعلق بالتدخل لحماية المسؤولين السوريين الفارين ومنع تسليمهم إلى السلطات الجديدة في دمشق، والثاني يهدف إلى تأمين ممر آمن لعشرات الإيرانيين الذين يحملون الجنسية السورية، ويقيمون في دمشق وضواحيها، خصوصًا في منطقة السيدة زينب، حيث استقدمهم الحرس الثوري الإيراني خلال حكم الأسد وتم منحهم الجنسية السورية.
ووفقًا للمصادر، فإن الخطة الإيرانية تهدف إلى نقل هؤلاء الأفراد برًّا من دمشق إلى بيروت، ثم ترحيلهم جوًّا إلى طهران عبر مطار رفيق الحريري الدولي.
لبنان ممراً لرموز النظام السابق
لم تكن هذه المرة الأولى التي يُستخدم فيها لبنان كمحطة عبور لمسؤولين سوريين سابقين، إذ غادر عبره العديد من الشخصيات البارزة، من بينهم رفعت الأسد وعائلته، ومستشارة الأسد بثينة شعبان، وعائلة ماهر الأسد، بالإضافة إلى عدد من ضباط المخابرات السورية الذين حظوا بحماية جهات لبنانية متحالفة مع دمشق. ورغم ذلك، نفت أجهزة الأمن اللبنانية علمها بوجود هؤلاء في لبنان، إلا أن مصدرًا قضائيًا بارزًا لم يستبعد أن يكون بعض المسؤولين الأمنيين السوريين قد فرّوا إلى لبنان عبر معابر غير شرعية.
ووفقًا لمصدر أمني، فقد تم إعادة بعضهم إلى سوريا بناءً على موافقتهم، بينما فضّل آخرون السفر إلى دول أخرى. أما بشأن احتمال طلب السلطات السورية الجديدة من لبنان تسليم مطلوبين، فقد أكد مصدر قضائي أن الجهات اللبنانية لم تتلقَ حتى الآن أي طلب رسمي بهذا الشأن، لكنه أشار إلى أنه في حال العثور عليهم، فسيتم التعامل معهم وفق الإجراءات القانونية.
اللاجئون السوريون.. ورقة ضغط جديدة؟
في خطوة لافتة، أوحى المسؤول الإيراني وحيد جلال زاده بإمكانية إبقاء النازحين السوريين في لبنان لسنوات طويلة، داعيًا المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات إضافية لهم، معتبرًا أن الأمم المتحدة التي قدمت الدعم لهم طوال السنوات الماضية يجب أن تواصل تقديم العناية نفسها للنازحين الجدد.
وتأتي هذه التصريحات وسط مخاوف من استخدام ملف النازحين السوريين كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية، في وقت يواجه فيه لبنان أزمات متفاقمة على الصعيدين الاقتصادي والأمني.
هل يصبح لبنان محطة تهريب جديدة؟
مع استمرار عمليات التدفق غير الشرعي للمسؤولين السابقين عبر الحدود، والتحركات الإيرانية المريبة لتأمين الممرات الآمنة، يثار التساؤل حول ما إذا كان لبنان سيصبح نقطة تهريب رئيسية لشخصيات محسوبة على النظام السابق، وسط صمت رسمي لبناني.