شمال غرب سوريا: هل تعافى الناجون من الزلزال؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تحلّ اليوم الذكرى الثانية للزلزال المدمر الذي ضرب شمال غربي سوريا وترك آثارًا كارثية لا تزال ماثلة في حياة الناجين، فبين من فقدوا منازلهم وأحبّتهم، ومن يعيشون في ظروف نزوح مستمرة، تبرز تساؤلات حول مدى التعافي الفعلي للمتضررين، سواء على المستوى المادي أم النفسي، ورغم الجهود الإغاثية التي قُدمت على مدار العامين الماضيين، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وانعدام فرص التعافي المستدام.

بين أطلال المنازل المدمرة: ناجون يبحثون عن بداية جديدة

“منذ لحظة وقوع الزلزال، لم يعد شيء كما كان”، بهذه الكلمات يعبّر محمد العلي، أحد الناجين من الزلزال في بلدة جنديرس، عن واقعه المستمر منذ الكارثة، فقد محمد منزله بالكامل، واضطر للعيش في خيمة مع أسرته قبل أن يحصل على سكن مؤقت في إحدى التجمعات السكنية التي أقامتها المنظمات الإنسانية، لكنه يؤكد أن الحياة في السكن المؤقت ليست حلًا دائمًا، إذ يواجه صعوبة في تأمين مصدر دخل ثابت لإعادة بناء حياته.

أما أم أحمد، التي فقدت زوجها وابنها تحت الأنقاض، فتعيش في حالة صدمة مستمرة، رغم مرور عامين على الحادثة. تقول: “كلما سمعتُ صوت اهتزاز أو شعرتُ بحركة خفيفة في الأرض، تعود إليّ لحظات الرعب وكأن الزلزال يحدث من جديد”. ورغم محاولاتها التأقلم، إلا أن آثار الفقدان العميقة لا تزال تثقل كاهلها.

أثر نفسي مستمر: حين لا تندمل الجراح

عن الأثر النفسي للزلزال، تؤكد المرشدة النفسية نجاح بالوش أن “الناجين يعانون من اضطرابات نفسية مختلفة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة والقلق المستمر، خاصة لدى الأطفال الذين شهدوا انهيار منازلهم أو فقدوا أفرادًا من عائلاتهم”، وتشير إلى أن بعض الأشخاص تمكنوا من التأقلم عبر الدعم المجتمعي والجلسات النفسية، لكن هناك من لا يزالون يعيشون في حالة خوف دائم، ويتجنبون الأماكن المغلقة أو المرتفعات خوفًا من تكرار الكارثة.

وتضيف بالوش أن أحد التحديات الكبرى في التعامل مع الآثار النفسية هو غياب برامج الدعم النفسي المستدامة، حيث تتركز الجهود الإغاثية غالبًا على المساعدات المادية وإعادة الإعمار، في حين أن الأثر العاطفي العميق يحتاج إلى وقت ورعاية طويلة الأمد.

هل التعافي ممكن؟

بعد مرور عامين على الزلزال، يمكن القول إن بعض الناجين تمكنوا من إعادة ترتيب حياتهم جزئيًا، لكن آخرين ما زالوا غارقين في تداعيات الكارثة، وبينما يشكل نقص الموارد وتراجع الدعم الإنساني تحديات كبرى، يظل التعافي النفسي الأكثر تعقيدًا، إذ يتطلب جهودًا تتجاوز توفير المأوى والطعام إلى بناء بيئة داعمة تساعد المتضررين على تجاوز الصدمة واستعادة إحساسهم بالأمان.

اليوم، وبينما يستعيد الناجون ذكريات الفاجعة، تبرز الحاجة إلى حلول أكثر استدامة تضمن لهم ليس فقط إعادة بناء منازلهم، بل أيضًا قدرتهم على العيش دون خوف من زلزال آخر، سواء كان في الأرض أم في ذاكرتهم.

تداعيات مستمرة

يذكر أنه في السادس من فبراير/ شباط 2023، ضرب زلزال بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر مناطق واسعة في جنوب تركيا وشمال غربي سوريا، متسببًا في دمار هائل وخسائر بشرية ومادية فادحة، في سوريا وحدها، قُتل أكثر من 4,500 شخص، فيما تجاوز عدد المصابين 10,000، وفق تقديرات المنظمات الإنسانية.

كما دُمِّرت آلاف المنازل، ما أدى إلى نزوح أكثر من 100,000 شخص، معظمهم في إدلب وريف حلب، حيث لا تزال آثار الدمار بادية في العديد من المناطق.

ورغم مرور عامين على الكارثة، لا تزال عمليات إعادة الإعمار تسير بوتيرة بطيئة، إذ يعاني السكان من نقص الدعم المالي والتقني، فضلًا عن العوائق السياسية التي تعرقل وصول المساعدات، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 85% من المتضررين لا يزالون بحاجة إلى دعم إيوائي، في حين أن آلاف العائلات ما زالت تعيش في مخيمات أو مساكن مؤقتة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.

بالإضافة إلى ذلك، أدى الزلزال إلى تدمير ما لا يقل عن 200 منشأة تعليمية، مما أثر بشكل مباشر على آلاف الطلاب، وساهم في تفاقم أزمة التعليم في المنطقة.

مقالات ذات صلة