في خطوة تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية وتمكين النساء، نظّمت شبكة المشاركة المجتمعية التابعة لوحدة تنسيق الدعم (ACU) معرضًا فنيًا في إدلب، على مدار ثلاثة أيام من الاثنين وحتى الأربعاء، في مركز الشبكة الذي يحمل اسم “المكان الثالث”، تضمن المعرض عرضًا لأربعة فنون يدوية هي الصوف، والتطريز، والخيش، والمكرميات، إضافة إلى فن الجورنال وهي فنون تراثية تعكس أصالة المجتمع السوري وروحه الثقافية.
آثار غنوم، إحدى ميسرات المبادرة، أوضحت لمنصة سوريا 24 أن هذه المبادرة المجتمعية استهدفت عددًا من النساء، حيث قدّمن أعمالهن في المعرض بعد تدريبات مكثفة استمرت أكثر من شهر ونصف، وأشارت إلى أن المشروع مرّ بمرحلتين: الأولى تضمنت تدريب المشاركات على هذه الفنون، والثانية تمثّلت في تنظيم المعرض لعرض إنتاجهن.
وذكرت غنوم أن اختيار اسم “المكان الثالث” للمركز جاء ليكون رمزًا لمساحة آمنة وحرة للجميع، بعيدًا عن المنزل (المكان الأول) والعمل (المكان الثاني)، مستلهمة بذلك فكرة المسطبة التي كانت تجمع الأهالي أمام البيوت العربية القديمة، حيث يتبادلون الأحاديث في أجواء اجتماعية مريحة.
لم تقتصر هذه المبادرة على إحياء الفنون التراثية، بل تجاوزت ذلك لتعزيز مفاهيم التوعية المدنية والمشاركة المجتمعية، حيث شجعت النساء على الانخراط في أنشطة يدوية تتيح لهن التعبير عن أنفسهن، إلى جانب إدخال فن “الجورنال”، وهو فن حديث يعكس قضايا المجتمع بطريقة معاصرة.
أهمية هذه المبادرات ودورها في المجتمع
تمثل هذه المبادرات أكثر من مجرد تدريب على الفنون اليدوية، فهي تسهم في تمكين النساء، وتعزيز دورهن في المجتمع، وإعادة إحياء الفنون التراثية السورية، كما أنها توفر مساحة للتعبير الحر، بعيدًا عن ضغوط الحياة اليومية، وتشجع على بناء روابط اجتماعية قوية من خلال الفنون وفق قول هناء وهي إحدى السيدات المشاركات في المعرض.
بدورها، أكدت سارة قرط، وهي ميسرة أخرى في المبادرة، أن أهمية هذه الفنون تكمن في دورها بالحفاظ على الهوية الثقافية السورية، حيث تشكّل هذه الفنون جزءًا لا يتجزأ من التراث المشترك للسوريين.
وقد أثمرت جهود الفرق المشاركة عن إنتاج 65 لوحة لفن الجورنال، و50 قطعة من الخيش، و43 قطعة تطريز، و35 قطعة من فن المكروميات، ومثلها من الصوف، ما يعكس حجم العمل والتدريب الذي خاضته المشاركات خلال فترة المشروع.
إضافة إلى ذلك، تُبرز هذه المبادرات أهمية الفنون في تعزيز الوعي المجتمعي، حيث يمكن أن تكون الفنون اليدوية وسيلة لنقل رسائل اجتماعية وثقافية، وتساهم في الحفاظ على التراث السوري في ظل التغيرات المستمرة، كما أنها تفتح المجال أمام المشاركات لاكتشاف قدراتهن وإمكانياتهن، وربما تحويل هذه المهارات إلى مصدر دخل مستدام.
بهذه الطريقة، لا تقتصر هذه الأنشطة على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء، بل تمتد لتصبح جزءًا من عملية بناء المجتمع وتمكين أفراده، وهو ما يجعل مثل هذه المبادرات ضرورية للحفاظ على النسيج الثقافي والاجتماعي في سوريا.