سلامٌ على الأجساد التي ترقد تحت الأرض وخلف قضبان السجون من أجلنا، من أجل حريتنا، ومن أجل كرامتنا. الأجساد التي كانت تحلم بوطنٍ ينعم بالسلام، ويُحترم فيه القانون، ويُنصف فيه المظلوم، فازداد الظلم أضعافاً أضعاف، انتقاماً من كلمة حرية!
مات إبراهيم المنجر برصاص مجهولين في بلدة “صيدا بريف درعا، ومات محمد القابوني بقذائف الأسد في حي القابون الدمشقي، وتواصل “هيئة تحرير الشام” اعتقال “أحمد الأخرس” في إدلب بسبب التصوير بلا إذن! كل هذه السرديات تجعلك تقف كالمجنون حائراً وتسأل: “ماذا فعلوا ولماذا يُعاقبون”؟
شهيدان قُتلا، ولم يملكا إلا عدساتهم وأقلامهم، والآخر أٌخفي في سجنٍ أمني شديد الحراسة بسبب التصوير بدون إذن منذ أكثر من 16 يوماً، نذروا أجسادهم لينقلوا الوجع السوري لوسائل الإعلام، ففرقهم القدر كما جمعهم معنا بعد أن أحببناهم وأحبونا.
كُنا معاً جميعاً، في غرفة افتراضية واحدة على الإنترنت، من كل سوريا، من درعا إلى دمشق وصولاً إلى حمص وحماة وإدلب وحلب، كل واحد يقيم تحت نجمة، توحدنا على أن نقول للعالم ما تتعرض له سوريا القابعة في ظلام دامس منذ سنوات، توحدنا على أن نضع قضيتنا نصب أعين العالم الذي يحاول أن يتعامى.
كنا معاً جميعاً.. وليتنا لم نكن، فمن أسوأ الظروف أن يكون لك أحبة وأصدقاء وزملاء، ستخاف عليهم في وطنٍ يتعاقب عليه القتلة لمقاسمة تركته، يذهب واحد فيأتي الآخر، يزول الأسد، فيأتي الغرباء المثلمون بعبواتهم الغبية، فتأتي النصرة، وينعم المسلحون المجهولون في عهدها، ويقتلون ويستبيحون، ويسرقون… وكل الأفعال القذرة في عنوانهم.
استقبل إبراهيم شهر رمضان بعدة رصاصات اخترقت جسده أمام منزله في بلدة “صيدا” بريف درعا، وحتى اللحظة لا يزال القاتل مجهولاً، واستقبل أحمد شهر رمضان بعيداً عن زوجته وأمه مغيباً في السجون، واستشهد محمد القابوني في دمشق بقصف الأسد قبل أكثر من عام.
الشيء الذي يجمع الشهداء والمعتقلين أن قضيتهم واحدة، كانوا يحلمون بتحرير وطنٍ مغتصب من الطغاة، من خلال عدساتهم – سلاحهم الوحيد – فقد أصبحت الصحافة المهنة الأخطر في سوريا. قد يدفع صاحبها حياته ثمناً لها.
وهكذا، نودع واحد وندعي للآخر، وداعاً إبراهيم… الحرية لأحمد.. الخ، على أمل أن تأتي الأيام على عجل، وتأخذ ما تريد أخذه من أجسادنا دفعة واحدة، فلم نعد نطيق هذه الحياة، ولم نعد قادرين على فقدان الأحبة.
كل العزاء لفريق SY24 استشهاد مراسله “إبراهيم المنجر” في درعا، والحرية لمراسله “أحمد الأخرس” من سجون “هيئة تحرير الشام”، والذي اُختطف في مدينة دركوش بريف إدلب.