حلب: الغلاء يثقل كاهل العائلات مع اقتراب شهر رمضان

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تزداد أعباء الحياة اليومية على سكان مدينة حلب، حيث بات الغلاء المستمر والارتفاع الجنوني للأسعار هاجساً يؤرق الكثير من العائلات السورية.

ويبدو هذا الواقع الذي يفرض نفسه بقوة في كل عام، أكثر قسوة هذه الأيام نتيجة عوامل متعددة تتراوح بين ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية واستغلال بعض التجار للموسم لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.

ويصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى حدود 10 آلاف ليرة سورية، بينما يصل سعر الصرف في مصرف سورية المركزي إلى 13266 ليرة سورية.

وفي هذا الصدد، قالت مي السباهي، إحدى سكان مدينة حلب في حديثها لمنصة سوريا ٢٤، إن الناس اعتادوا النزول إلى الأسواق قبل حلول الشهر الكريم لشراء مستلزماتهم من مواد غذائية وأدوات منزلية، إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي جعل عملية التسوق أمراً مرهقاً للغاية.

وأضافت: “الأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع الدولار واستغلال التجار لهذا الموسم، حيث يعلمون أن الناس مجبرة على الشراء”.

فعلى سبيل المثال، يصل سعر كيلوغرام صدر الدجاج إلى 45 ألف ليرة سورية، بينما يتراوح سعر كيلوغرام الدجاج الحي بين 30 إلى 35 ألف ليرة.

أما بالنسبة للحوم، فتصل أسعارها إلى 80 ألف ليرة إذا كانت متوسطة الدهن، فيما قد يصل سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم المشوي (الكباب) إلى 110 آلاف ليرة.

ولا يقتصر الأمر فقط على اللحوم والدواجن، بل يشمل جميع المواد الغذائية الأساسية مثل الفواكه الطازجة والمعلبات وحتى الحلويات التي تُعتبر جزءاً من طقوس رمضان.

ومع طقوس الزيارات والاجتماعات العائلية خلال الشهر الكريم، يصبح العبء أكبر على العائلات التي تسعى لتوفير ما يكفي من الطعام لاستقبال ضيوفهم، حسب تعبير مي السباهي.

وخلال شهر رمضان، يزداد مصروف العائلة بنسبة كبيرة نتيجة العادات الاجتماعية والثقافية المرتبطة بهذا الشهر، حيث من الممكن أن يصل إلى نحو 5 ملايين ليرة سورية لعائلة مكونة من 4 أفراد، حسب تقديراتها.

وحول ذلك، أشارت مي إلى أن هناك طقساً رمضانياً يتمثل في شراء المعروك والسوس والتمر الهندي وغيرها من المواد التي ترتبط بالشهر الكريم، مما يزيد من التكلفة الإجمالية.

وبينما يعتمد البعض على الوجبة الواحدة يومياً، تبقى العائلات ذات الدخل المحدود الأكثر تضرراً. فهناك من لا يستطيع توفير حتى الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية، ناهيك عن الاستعدادات الخاصة بشهر رمضان.

وفي ظل هذه الضائقة الاقتصادية، أصبحت البسطات العشوائية أحد الحلول المؤقتة لكثير من العائلات التي فقدت مصدر دخلها أو تعتمد عليها كمصدر رزق إضافي.

ومع ذلك، جاء قرار محافظ حلب المهندس عزام الغريب بإزالة جميع البسطات العشوائية المنتشرة في الشوارع والأرصفة، مما أثار استياء العديد من المواطنين.

وأوضحت مي أن “البسطات كانت توفر فرص عمل للكثيرين الذين فقدوا وظائفهم، لكن السلطات قامت بمصادرة البضائع دون سابق إنذار، مما زاد من معاناة هؤلاء العائلات”.

وتابعت: “رأيت بأم عيني كيف تم مصادرة البضائع من أصحاب البسطات، وركض الناس خلفهم يرجونهم”.

من جهة أخرى، أكد المحافظ خلال جولة ميدانية أجراها مؤخراً أن القرار يأتي ضمن إطار تنظيم العمل وإنهاء الفوضى في الأسواق، خاصة مع اقتراب شهر رمضان. وأشار إلى أن هناك خططاً لإنشاء مواقع مناسبة للبسطات، مثل سوق الخضار الجديد في حي المشارقة، والذي يتسع لـ 160 بسطة ويضم جميع المرافق اللازمة.

وفي سياق متصل، بدأت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإجراء جولات ميدانية للاطلاع على الأسواق وضمان توفر السلع الأساسية بأسعار معقولة. ومع ذلك، يرى المواطنون أن الجهود المبذولة ليست كافية لمواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يعيشها السوريون.

وقال عمار عزيز، أحد سكان حلب في حديثه لمنصة سوريا ٢٤: “ما يؤثر على الوضع الاقتصادي اليوم هو الفرق الكبير بين سعر صرف الدولار والليرة السورية، فالتجار يقولون إنهم تعرضوا لخسائر كبيرة بسبب السوق السوداء والتلاعب بسعر الصرف، لكن في النهاية المواطن هو الضحية”.

وأضاف: “بعض العائلات أصبحت تعتمد على وجبة واحدة يومياً، وهو أمر محزن للغاية”.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يواجه سكان حلب تحديات كبيرة مع اقتراب شهر رمضان. فالغلاء المستمر وعدم توفر فرص عمل كافية يجعلان من هذا الشهر الكريم فترة إضافية من المعاناة بدلاً من أن تكون وقتاً للراحة الروحية والاجتماعية.

وبينما تسعى الحكومة السورية لتنظيم الأسواق وإيجاد حلول مؤقتة، فإن الحاجة تبقى ماسة إلى خطوات جذرية تعالج الأزمة الاقتصادية وتخفف من معاناة المواطنين.

مقالات ذات صلة