مع تحرير مناطق واسعة من حلب، عاد بعض المهجرين لتفقد منازلهم ومحالهم التجارية، ليصدموا بحقيقة أن “عقاراتهم لم تعد لهم”، بعد أن استولت عليها مجموعات من الشبيحة وأعوان النظام، إما عبر التزوير والتلاعب بالأوراق الرسمية، أو من خلال السيطرة بالقوة، مستغلين سنوات النزوح والغياب القسري لأصحابها.
بيع بطرق ملتوية وسط فساد ممنهج
يؤكد المحامي عثمان الخضر في حديثه إلى منصة سوريا 24 أن العديد من المهجرين الذين حاولوا استعادة أملاكهم فوجئوا بأن عقاراتهم قد بيعت أو سُجلت بأسماء جديدة عبر طرق ملتوية، مستفيدين من الفساد العميق الذي لا يزال يعصف بالمؤسسات الرسمية.
ويضيف: “رغم الانتظار الطويل، لم تصدر الدولة الجديدة أي حلول عملية حتى الآن، ولا يزال الكثير من أصحاب الأملاك يقبعون في المخيمات، بينما يتصرف الغاصبون بحرية في ممتلكاتهم”.
المهجرون اليوم يطالبون بتحرك عاجل لإنصافهم، حيث يدعون إلى تشكيل لجان مفوضة من وزارة العدل للنظر في قضايا العقارات المغتصبة وإيجاد آلية قانونية تضمن عودة الحقوق إلى أصحابها.
سرقة منظمة تحت غطاء العقود المزورة
منذ التهجير القسري نهاية عام 2016، أصبح كل من اشترى عقارًا يعود لمهجر من ذلك التاريخ مشاركًا بشكل أو بآخر في الظلم، فالعديد من هذه الصفقات تمت بأثمان بخسة، مستغلة غياب أصحاب الأملاك الحقيقيين وفق ما أكده عدد من أهالي حلب المهجرين.
وقال أبو محمد في حديثه إلى منصة سوريا 24 وهو أحد المهجرين أن استيلاء الشبيحة على الأملاك لم يكن مجرد استغلال، بل عملية انتقام منظمة، إذ لم يكتفِ بعض السكان المؤيدين للنظام بالاحتفال بتهجير معارضيهم، بل طالبوا بمزيد من الدمار للبيوت والمناطق التي تركها أصحابها قسرًا.
واليوم، يتساءل المهجرون:”إذا لم تتحرك الجهات المعنية لإلغاء جميع العقود التي أُبرمت بعد تهجيرنا، فكيف يمكن أن يتحقق العدل؟”
قصص من الواقع.. عندما يصبح أصحاب الأملاك غرباء عن بيوتهم
الحاج عمر جمعة عثمان، البالغ من العمر 68 عامًا، واحد من عشرات المتضررين، كان منزله في حي صلاح الدين بشارع الشرعية مؤلفًا من طابقين، لكنه استُولي عليه عام 2017 أثناء تهجيرهم إلى الشمال السوري، وتم بيع المنزل عبر سلسلة من عمليات التزوير، ثم أضيف إليه طابقين آخران.
عندما عاد الحاج عمر بعد تحرير حلب، تفاجأ بأن العقار أصبح بيد “مالكين جدد”، معروفين بانتمائهم للشبيحة. يقول في حديثه إلى منصة سوريا 24 :”لم يسرقوا بيتي فقط، بل زادوا في بنائه وكأنهم يثبتون أنهم أصحاب الأرض. لم يكن أمامي سوى الوقوف عاجزًا أمام واقع لم أختَره”.
اليوم، يطالب الحاج عمر وعشرات العائلات المهجرة باستعادة منازلهم، التي تحولت إلى غنائم استثمرها المتنفذون في النظام، بينما لا يزال أصحابها الحقيقيون يكافحون للبقاء في المخيمات دون مأوى حقيقي.
استعادة الحقوق.. معركة مستمرة
قضية اغتصاب العقارات في حلب ليست مجرد حالات فردية، بل هي جزء من سياسة ممنهجة استهدفت المعارضين للنظام بوسائل مختلفة، كان التهجير والاستيلاء على الأملاك إحداها، ومع مرور السنوات، تزداد الحاجة إلى حل جذري يُعيد الحقوق إلى أصحابها، ويضع حدًا للفوضى القانونية التي استغلها الشبيحة وأعوانهم.
وفي انتظار تحرك جدي من الجهات المعنية، يبقى مطلب المهجرين واضحًا: إلغاء كل العقود التي أُبرمت بعد التهجير القسري، ومحاسبة كل من شارك في نهب ممتلكاتهم.
دعوة إلى وقفة احتجاجية
لأجل ذلك ورفضًا لاستمرار الظلم والمماطلة في إعادة الحقوق، تم تنظيم دعوة لجميع المتضررين والمتضامنين للمشاركة في وقفة احتجاجية أمام القصر العدلي في مدينة حلب – جمعية الزهراء، يوم الأحد 3 آذار الساعة 12 ظهرًا، للمطالبة بإعادة البيوت المغتصبة إلى أصحابها الشرعيين.