شهدت مدينة كفرنبودة، الواقعة في ريف حماة الشمالي، عودة أكثر من 200 عائلة، معظمهم من النازحين في مخيمات الشمال السوري، وسط معاناة كبيرة بسبب غياب مقومات الحياة الأساسية. ورغم الدمار شبه الكامل الذي لحق بالمدينة، يحاول أهلها جاهدين إعادة الحياة إليها، لكنهم يواجهون تحديات كبيرة تحول دون ترميم منازلهم أو تأمين احتياجاتهم الأساسية.
كفرنبودة.. عقدة استراتيجية ومعاناة مستمرة
شكّلت كفرنبودة عقدة حقيقية لروسيا وحليفها نظام الأسد البائد، فبعد محاولتين فاشلتين لاجتياحها في عامي 2013 و2015، سقطت البلدة في أيار/مايو 2019 بعد قصف مكثف استمر أسبوعًا، ما أدى إلى دمار واسع النطاق.
تقع البلدة، التي كان يقطنها قرابة 20 ألف نسمة قبل الثورة، في أقصى ريف حماة الشمالي، على الخط الفاصل بين محافظتي حماة وإدلب، ويعتمد سكانها على الزراعة بشكل أساسي.
تعتبر كفرنبودة نقطة وصل بين ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، وتقع في منتصف المسافة بين مدينة مورك على الطريق الدولي حلب – دمشق وقرى سهل الغاب ومدينة السقيلبية ذات الغالبية المسيحية، التي تحولت إلى نقطة انطلاق لهجمات النظام بسبب موقعها الاستراتيجي.
مع اشتداد المعارك، نزح معظم سكان البلدة إلى الشمال السوري، خاصة إلى المناطق الحدودية في إدلب، وشهدت البلدة موجات نزوح كبرى بين عامي 2015 و2019، ما أدى إلى تفريغها بالكامل من السكان قبل سيطرة النظام البائد عليها. حتى إن النازحين أطلقوا اسم كفرنبودة على مخيماتهم في ريف إدلب الشمالي، تعبيرًا عن تمسكهم ببلدتهم رغم تهجيرهم القسري.
مدينة فقدت نبضها الرمضاني
قبل عام 2011، كانت كفرنبودة تزدان بزينة رمضان، وتعج مساجدها بالمصلين، بينما تملأ الأسواق بالحركة والنشاط. كانت العائلات تجتمع حول موائد الإفطار في أجواء من الألفة والطمأنينة. إلا أن المعارك دمرت جزءًا كبيرًا من بنيتها التحتية، وجعلت أسواقها خاوية ومساجدها مهدمة، ما أفقدها طابعها الرمضاني المعتاد.
يقول الناشط محمد نور الشيخ لمنصة “سوريا 24”: “الدمار طال كل شيء، لا توجد بنية تحتية ولا خدمات، حتى المساجد أصبحت مهدمة. رغم ذلك، لم يتوقف الأهالي عن أداء الصلاة، حيث يجتمعون تحت السماء المفتوحة للصلاة في المساجد المدمرة. لكن الحياة هنا صعبة جدًا”.
تحديات إعمار المدينة وغياب الخدمات الأساسية
مع سقوط نظام الأسد البائد، بدأت محاولات الإعمار، لكن غياب البنية التحتية الأساسية، مثل المياه والكهرباء والمدارس، يعرقل عودة النازحين. وتشير التقديرات إلى أن نسبة الدمار في المنازل تتجاوز 80%، ما يجعل إعادة الإعمار تحديًا كبيرًا للأهالي الذين لا يملكون القدرة المالية لإعادة بناء مساكنهم.
في هذا السياق، يوضح حسين حلاق، من اللجنة المحلية المكلفة بإدارة البلدة، خلال حديثه لمنصة “سوريا 24”: “أكبر العقبات التي تواجه عودة النازحين هي غياب البنية التحتية. لا توجد مياه ولا كهرباء، والمدارس مدمرة، ما يجعل الحياة شبه مستحيلة لمن يرغبون في العودة”.
الأمل بمستقبل أفضل رغم الصعوبات
ورغم هذه الظروف القاسية، ما يزال سكان كفرنبودة يتمسكون بالأمل في مستقبل أفضل، ويسعون إلى إعادة بناء مدينتهم واستعادة ذكرياتهم الرمضانية الجميلة، آملين أن تساهم الحكومة الجديدة في تحسين الأوضاع وتعويضهم عن معاناة النزوح التي استمرت أكثر من 13 عامًا.