الحكومة السورية تدشّن مرحلة جديدة بالاتفاق مع “قسد”

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

في خطوة وُصفت بأنها “تاريخية”، أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية عن توقيع اتفاق شامل بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إطار الدولة السورية، مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم.

ويأتي هذا الاتفاق بعد سنوات من الصراع، ليفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار والوحدة في سوريا.

وجاء الإعلان عقب اجتماع جمعَ الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، حيث تم التوافق على ثمانية بنود رئيسية تُشكّل خارطة طريق لإنهاء الانقسام وإعادة بناء الدولة السورية.

وشملت البنود ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل السياسي والمشاركة في مؤسسات الدولة استنادًا إلى الكفاءة، والاعتراف بالمجتمع الكردي كمكوّن أصيل مع ضمان حقوقه الدستورية، إلى جانب وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات في الشمال الشرقي، بما يشمل المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز، مع الالتزام بتطبيق الاتفاق قبل نهاية العام الحالي.

قوة اقتصادية لسوريا الجديدة

وحول أهمية الاتفاق، قال المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة في حديثه لمنصة “سوريا 24“: “هذا الاتفاق يضيف إلى سوريا قوةً اقتصاديةً واجتماعيةً وعسكريةً، ويوفر الكثير من الجهود من أجل توحيد سوريا”.

وأضاف: “اليوم أخفقت كل المشاريع التقسيمية والتفتيتية التي كانت تستهدف سوريا، وباتت سوريا بالفعل حرّةً موحّدةً، مما أدخل الفرحة إلى قلوب جميع السوريين”.

وتضمّن الاتفاق، الذي وقّعه الرئيس الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، رؤية شاملة لإعادة توحيد سوريا تحت مظلة الدولة المركزية. ومن أبرز النقاط التي تضمنها: ضمان عودة المهجّرين مع توفير الحماية اللازمة، ودعم الدولة في مواجهة التهديدات الأمنية، ورفض خطاب الكراهية والفتنة بين مكونات المجتمع السوري. كما أكّد الاتفاق على أهمية إنهاء النزاع المسلّح وإعادة الثروات الطبيعية، كالنفط والغاز، إلى خدمة جميع السوريين.

وتابع العقيد أحمد حمادة في حديثه: “هذا الاتفاق يُعدُّ اتفاقًا تاريخيًا ينهي مرحلة التقسيم، ويعيد الدولة السورية إلى المسار الصحيح كدولةٍ موحّدةٍ لكل الأطياف والأعراق. حيث يؤسس هذا الاتفاق لأن تكون سوريا دولة عصرية، لا مكان فيها للتقسيمات العرقية أو الدينية، بل تكون الكفاءة هي الأساس”.

عودة الثروات وتعزيز الاقتصاد

من الجوانب الاقتصادية الهامة للاتفاق، إعادة السيطرة على المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز في المناطق الشرقية، التي كانت خارج سيطرة الدولة لسنوات. كما أن هذه الخطوة ستُعزّز الاقتصاد السوري المنهك، وستوفر موارد كبيرة حُرِمَ منها أغلبية الشعب السوري.

وفي هذا السياق، أوضح العقيد حمادة: “سيعود النفط والغاز، وتُستعاد المطارات والمعابر وحبوب الفرات، وكل هذه المنشآت الهامة التي حُرِمَ منها جزء كبير من الشعب السوري. اليوم، عاد الحقُّ إلى أصحابه”.

تعزيز النسيج الاجتماعي وإنهاء التقسيم

وأكد الاتفاق على أهمية دمج جميع المكونات السورية ضمن نسيج اجتماعي واحد، مع ضمان المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص للجميع استنادًا إلى الكفاءات. ويرى المحللون أن هذا التوجه سيساهم في تأسيس دولة ديمقراطية حديثة، بعيدة عن المحاصصات الطائفية أو العرقية التي ميّزت المراحل السابقة.

من جانبه، قال العميد عبد الله الأسعد، الخبير العسكري والاستراتيجي، في حديثه لمنصة “سوريا 24“: “هذا الاتفاق ينفي تبعية المجتمع الكردي السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK)، ويعيد الأكراد إلى النسيج المجتمعي السوري، سواء في المؤسسات المدنية أو العسكرية أو الاقتصادية”.

وأضاف: “هذا الموضوع يُؤسس لهيئات ديمقراطية جديدة في سوريا، يكون فيها جميع المواطنين متساوين أمام القانون، مع ضمان مبدأ تكافؤ الفرص للمشاركة في بناء الوطن استنادًا إلى الخبرات والكفاءات. كما أن الأهمية الكبرى تتمثّل في استفادة سوريا من ثرواتها الباطنية في الشرق، وهي الحاضنة الأساسية للنفط، ما سيُعزّز الاقتصاد السوري”.

ولفت إلى أنه: “لم تَعُد هناك دعواتٌ للتقسيم أو الفتن، بل إن جميع المكونات ستسعى إلى تطبيق هذا الاتفاق مع الدولة السورية الجديدة، التي تدعمها الظروف السياسية”.

طعنة لدعوات التقسيم وانعكاسات إقليمية

ويشكل هذا الاتفاق ضربة قوية للمشاريع التقسيمية التي روّجت لها جهات خارجية خلال السنوات الماضية، كما أنه سيُخفف من التدخلات الأجنبية في الشأن السوري.

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي مأمون سيد عيسى في حديثه لمنصة “سوريا 24”: “الاتفاق الذي وقّعه الرئيس الشرع ومظلوم عبدي هو اتفاق تاريخيٌ بامتياز. يبدو أن موقف مظلوم عبدي كان استجابةً لدعوة أوجلان إلى إلقاء السلاح. إنه يومٌ تاريخيٌّ في حياة السوريين، يُؤسّس لوحدة وطنية بين المكونات السورية”.

وأضاف عيسى: “من المؤكد وجود غطاء إقليمي للاتفاق، وسيكون له انعكاسات إيجابية في تركيا أيضًا، ولكن أهم ميزةٍ للاتفاق أنه سيَحُقن الدماء السورية في صراعٍ امتدَّ لأكثر من 60 عامًا، وسَيحفظ وحدة التراب السوري، مع انعكاساتٍ اقتصاديةٍ مهمةٍ على جميع السوريين”.

أمل جديد لسوريا

ومع توقيع هذا الاتفاق، يبدو أن سوريا تقترب من إنهاء فصولٍ طويلةٍ من الصراع والانقسام، لتبدأ مرحلةً جديدةً ترتكز على الوحدة والعدالة والاستفادة من مواردها لصالح شعبها. فيما تبقى التفاصيل التنفيذية تحت المراقبة، إذ يتطلّع السوريون إلى مستقبلٍ يسوده الاستقرار والازدهار.

مقالات ذات صلة