تشهد مدينة حلب شمال سوريا، تغيرات ملحوظة في الأوضاع الاقتصادية والخدمية، مع انعكاسات مباشرة على حياة السكان اليومية، في حين تتصدر أخبار انخفاض سعر أسطوانة الغاز وسعر صرف الدولار واجهة المشهد.
ومع اقتراب منتصف شهر رمضان الكريم، يبرز مشهد اقتصادي ومعيشي مليء بالتحديات التي تؤثر بشكل كبير على العائلات والأفراد.
انخفاض سعر أسطوانة الغاز
أشارت مي سكري، إحدى سكان حلب في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن سعر أسطوانة الغاز المنزلي قد انخفض مؤخراً ليصبح 130 ألف ليرة سورية عبر البطاقة الذكية و140 ألف ليرة في السوق السوداء، بعد أن كان يصل إلى 157 ألف ليرة عبر البطاقة و167 ألفاً دونها.
ويأتي هذا الانخفاض نتيجة الاتفاق الأخير بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية، والذي من المتوقع أن يسفر عن انفراجات مرتبطة بتوافر المحروقات بمختلف أنواعها.
كما شهد سعر صرف الدولار انخفاضاً ملحوظاً، حيث أصبح بـ9 آلاف ليرة سورية بعد أن كان يتراوح حول 11 ألف ليرة.
ومع ذلك، يظل الوضع الاقتصادي تحت ضغط هائل، خاصة بالنسبة للعائلات ذات الدخل المحدود، فرغم تراجع الأسعار، فإن الارتفاع المتراكم لتكاليف الوقود والمواد الأساسية على مدى السنوات الأخيرة ترك آثاراً عميقة على ميزانيات الأسر.
أوضاع خدمية متردية
وتعاني مدينة حلب من وضع خدمي سيئ للغاية، إذ يعتمد السكان بشكل شبه كامل على “الأمبيرات” لتوفير الكهرباء، حتى أثناء فترة الإفطار في شهر رمضان، إذ تعد هذه الفترة الأكثر استهلاكاً للطاقة بسبب الطهي والإضاءة.
ولا تزال الشبكة العامة للكهرباء تعاني من نقص كبير في التغذية، مما يضيف عبئاً إضافياً على المواطنين الذين يضطرون لدفع فواتير باهظة لشركات الأمبيرات الخاصة.
أما بالنسبة لمياه الشرب، فقد أشارت مي سكري إلى أن الوضع أفضل نسبياً، حيث يتم توفير المياه بشكل مستقر نسبياً مقارنة بالكهرباء، غير أن هذه الإيجابية لا تكفي لتعويض المشاكل الأخرى التي تواجهها المدينة.
انتشار البسطات واختناق المرور
وتشهد شوارع حلب انتشاراً مكثفاً للبسطات التجارية، ما أدى إلى اختناقات مرورية غير مسبوقة، وهذه الظاهرة، التي تعود جزئياً إلى غياب الرقابة وتفاقم البطالة، تجعل التنقل داخل المدينة أمراً شديد الصعوبة، خاصة خلال ساعات الذروة، حسب ما ذكرت مي سكري.
وعلى الجانب الآخر، بدأت بعض الدوائر الخدمية الحكومية بالعودة إلى العمل بشكل تدريجي، لكنها لا تزال تعاني من نقص في الموارد البشرية والمادية، مما يجعل تقديم الخدمات للمواطنين أمراً بطيئاً وغير كفء.
رمضان تحت ضغط الغلاء
من جهته، أكد أحمد موسى، محامي من أهالي حلب في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن شهر رمضان يشكل تحدياً إضافياً للعائلات السورية، خاصة في ظل الغلاء المستمر الذي طال مختلف المواد الغذائية الأساسية.
وأشار إلى أن رمضان يعد شهراً خاصاً يتطلب مصروفات إضافية تشمل الطعام والشراب والملابس وزكاة الفطر، وهو ما يزيد العبء المالي على الأسر.
ويثقل ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والمواد التموينية كاهل الكثيرين، خاصة العائلات ذات الدخل المحدود أو المتوسط: “من المتوقع أن تزداد المصروفات الشهرية بنسبة تتراوح بين 30% إلى 50% مقارنة بالأشهر العادية، وذلك بناءً على عدد أفراد الأسرة واحتياجاتهم”، حسب موسى.
التقاليد الاجتماعية كعبء إضافي
بالإضافة إلى التكاليف المباشرة، تفرض التقاليد الاجتماعية والتقاليد الرمضانية على الأسر الالتزام بإعداد الطعام بكميات أكبر للاحتفالات والسحور والإفطار الجماعي، وبالرغم من أن البعض قد يحاول تقليص نفقاته، إلا أن روحانيات الشهر وضغوط المجتمع تجعل من الصعب تجنب هذه التزامات.
جهود مجلس محافظة حلب
ووسط هذه التحديات، يعمل مجلس محافظة حلب على تحقيق مطالب الأهالي المتعلقة بإعادة تأهيل البنية التحتية وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية ودعم قطاع الزراعة، ومع ذلك، يبدو أن الجهود الحالية لا تزال غير كافية لمواجهة حجم الاحتياجات المتزايدة.
على الرغم من بعض الانفراجات مثل انخفاض سعر أسطوانة الغاز وسعر صرف الدولار، فإن الواقع المعيشي يبقى صعباً ومليئاً بالضغوط، إذ أن التغلب على هذه الصعوبات يتطلب تخطيطاً دقيقاً من قبل الأسر لإدارة ميزانياتها، مع ضرورة تدخل الجهات المعنية لتحسين الخدمات الأساسية وتقديم الدعم اللازم للأسر الأكثر تضرراً.