تعرض المصور الصحفي رياض الحسين، مراسل قناة الجزيرة، لإصابة بطلق ناري أثناء تأدية عمله الصحفي في تغطية الاشتباكات الدائرة في الساحل السوري، وأفاد الحسين في شهادة نشرها عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، أن الإصابة جاءت بعد استهداف مباشر للسيارة التي كان يستقلها من قبل فلول النظام السابق، الذين تمركزوا فوق جسر حميميم وفتحوا النار على المارة.
وقال الحسين في شهادته إنه كان برفقة زميله الصحفي صهيب في مدينة اللاذقية يوم الخميس، السادس من آذار/مارس، عندما بدأت الأحداث تتصاعد بشكل مفاجئ، تزامناً مع تحليق طائرة حربية روسية على ارتفاع منخفض فوق المدينة وأريافها، في مؤشر غير مسبوق منذ سقوط النظام السابق.
وأضاف أنهما تلقيا معلومات عن كمين نصبته فلول النظام في بيت عانا بمنطقة بانياس، حيث استهدفوا عناصر من الأمن العام، ثم استهدفوا سيارات الإسعاف التي هرعت لنقل المصابين.
ومع تصاعد المواجهات، توجه الحسين وزميله إلى هناك لتغطية التطورات، وفي طريقهما إلى الموقع، وجدا نفسيهما وسط اشتباك مسلح عنيف، حيث تعرض رتل عسكري تابع لوزارة الدفاع لهجوم بالقذائف والأسلحة الثقيلة من قبل فلول النظام السابق، مما أدى إلى معركة استمرت لأكثر من ساعة ونصف.
وبعد الانتهاء من التغطية، قررا العودة إلى اللاذقية بسبب تصاعد المخاطر، لكنهما وقعا في كمين جديد عند جسر حميميم، حيث فتح المسلحون النار على سيارتهما، مما أدى إلى إصابة الحسين في فخذه، إضافة إلى تضرر السيارة بشكل كبير، ما اضطرهما لمتابعة القيادة على إطارات مفرغة من الهواء لمسافة تزيد عن تسعة كيلومترات، حتى وصلا إلى مستشفى تشرين الجامعي، قبل أن يتم نقله إلى مستشفى خاص داخل المدينة.
وأشار الحسين إلى أنه خلال وجوده في المستشفى، بدأت مجموعات مسلحة من فلول النظام بإنشاء حواجز عند مدخل المستشفى، وأطلقت النار بشكل عشوائي، مما أدى إلى وقوع إصابات لم يتمكن من معرفة مصيرها.
كما أكد أن الهجوم الذي شهدته اللاذقية لم يكن عشوائيًا، بل كان منسقًا ومدعومًا بشكل غير مباشر من الطيران الروسي، خاصة أن العمليات العسكرية بدأت بالقرب من قاعدة حميميم.
ولفت إلى أن أحد أبرز المشاهد التي صدمته هو خروج أعداد كبيرة من المسلحين من داخل الأحياء فور اندلاع الاشتباكات، مما يعكس حجم السلاح المخزن داخل المدينة، في حين كان لما يعرف بـ “درع الساحل” دور ضعيف في التصدي للهجوم، حيث اعتمدت الفصائل المهاجمة على شبان مسلحين غير نظاميين لتعطيل تحركات التعزيزات القادمة.
وبحسب الحسين، فإن الاشتباكات استمرت طوال الليل، لكن مع وصول تعزيزات شعبية قادمة من إدلب، انسحبت فلول النظام سريعًا، مما سمح باستعادة السيطرة على الساحل مجددًا.
وفي سياق متصل، نشرت قناة الجزيرة شريطًا مصورًا يظهر لحظات مرعبة، حيث وثق الحسين بعدسته لحظة استهدافه وإطلاق النار على سيارته، وأظهر الفيديو أصوات الطلقات النارية، ومحاولته وزميله الاحتماء من الرصاص المتطاير، وسط حالة من التوتر والرعب
وختم الحسين شهادته بالتأكيد على أن ما حدث كان محاولة فاشلة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، مشددًا على أن أبناء الثورة أثبتوا أنهم قادرون على الدفاع عن مكتسباتهم، وأن سوريا لن تقبل القسمة أو العودة إلى عهد الاستبداد.
في 6 آذار 2025، تعرضت مدينة اللاذقية وريفها لواحدة من أكثر الهجمات دموية من قبل فلول النظام السابق، حيث هاجمت مجموعات مسلحة تابعة لفلول النظام مواقع أمنية وعسكرية في اللاذقية، مستهدفة عناصر الأمن العام والجيش في محاولة لتقويض سيطرة الدولة على المدينة، الهجوم المنظم استهدف أيضاً المدنيين بشكل عشوائي، وخلّف مئات القتلى من الطرفين.
كان الهجوم مدبراً بدقة، إذ استخدمت هذه المجموعات أسلحة ثقيلة مثل قذائف الهاون والـ RPG، فضلاً عن الكمائن التي نصبت للرتل العسكري المتجه إلى المنطقة، بعد الهجوم، شوهدت جثث القتلى ملقاة على الطرقات وفي الجبال المحيطة بالمدينة، بينما تم رمي بعض الجثث في مقابر جماعية بهدف إخفاء الجريمة.
ورغم هذه المحاولات لتفكيك الاستقرار في المنطقة، تمكّن الجيش السوري وعناصر الأمن من استعادة السيطرة على معظم المواقع، ففي 10 آذار / مارس الجاري، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية العقيد حسن عبد الغني في تصريحات لوكالة “سانا” الرسمية، انتهاء المرحلة الثانية من العمليات العسكرية في الساحل السوري، بعد تحقيق الأهداف المعلنة لهذه المرحلة.