تشهد مدينة إدلب أزمة حادة في سوق الإيجارات، حيث يعاني الأهالي من صعوبة العثور على بيوت للإيجار بأسعار معقولة، في ظل تدفق كبير للنازحين والعائدين إلى المدينة. وتشير الشكاوى المتزايدة من الأهالي إلى أن أسعار الإيجارات ارتفعت بشكل كبير، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للعديد من العائلات.
بين النزوح والعودة
يقول عامر علي، أحد سكان المدينة، لمنصة سوريا 24: “في الفترة الأخيرة، زادت صعوبة إيجاد منزل في إدلب، ولم تعد المنازل متوفرة، وإن وجدت، تكون بأسعار باهظة، حيث لا يقل إيجار المنزل عن 100 دولار”.
ويرجع عامر سبب هذه الأزمة إلى عدة عوامل، أهمها عودة العديد من العائلات التي كانت قد غادرت المدينة سابقًا بسبب الظروف الأمنية. يقول: “من كان خارج إدلب عاد إلى بيته، ومن كان مقيمًا فيها لم يغادرها بسبب المدارس والجامعات، وبعضهم بسبب تدمير منازلهم في قراهم ومدنهم الأصلية. الجميع ينتظر انتهاء العام الدراسي على أمل أن تنخفض الأسعار، ولكن الوضع لا يزال صعبًا”.
ارتفاع الأسعار والجشع التجاري
ويشير أبو المجد، في حديثه إلى منصة سوريا 24، إلى التكاليف الباهظة للإيجار بعد عودته من تركيا قبل شهرين للاستقرار في إدلب. يقول: “في الشهر الأول، استأجرت بيتًا مفروشًا لشهر واحد فقط، بتكلفة 200 دولار، بالإضافة إلى 200 دولار تأمين و100 دولار عمولة. ومع ذلك، واجهت صعوبة في إيجاد بيت أستقر فيه لعدة أشهر بالوقت الحالي”.
ويضيف: “90% من المشكلة تعود إلى جشع وطمع التجار وأصحاب العقارات. الأسعار أصبحت غير معقولة، والقليل من البيوت المتبقية لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد”.
تدفق النازحين والعائدين يزيد الضغط على السوق
تعاني المدينة أيضًا من تدفق كبير للنازحين من المناطق المحررة حديثًا، حيث يبحثون عن الأمان والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. يقول عدي مسعود، وهو أحد القادمين الجدد: “جئنا إلى إدلب لأنها توفر لنا الأمان والخدمات الأساسية، حتى المغتربون الذين كانوا في الخارج بدأوا بالعودة والاستقرار هنا”.
ويبرر أبو محمود الحجي، وهو صاحب مكتب عقاري في إدلب، ارتفاع أسعار الإيجارات بازدياد الطلب على المنازل نتيجة الاكتظاظ السكاني في المدينة وعدم عودة جزء كبير من النازحين إلى مناطقهم الأصلية.
ويوضح، في حديثه لمنصة سوريا 24، أن العديد من سكان الريف الجنوبي لم يتمكنوا من العودة بسبب الدمار الذي لحق بمنازلهم، بينما تؤجل بعض العائلات قرار العودة حتى انتهاء العام الدراسي، مما يزيد من الضغط على السوق. ويعتقد الحجي أن الأسعار قد تشهد انخفاضًا طفيفًا بعد انتهاء المدارس وعودة بعض العائلات إلى مدنها.
حلول مؤقتة ومستقبل مجهول
قررت بعض العائلات التي كانت تقيم في تركيا العودة وشراء أو استئجار عقارات في إدلب. يقول محمد عباس، وهو أحد العائدين حديثًا: “كنت أعيش في تركيا، لكنني قررت العودة وشراء بيت في إدلب بسبب تحسن الأوضاع الأمنية نسبيًا وتوفر الخدمات. إلا أن الأسعار عمومًا مرتفعة بالنسبة للدخل هنا، والإيجارات غير مقبولة”.
ومع ذلك، يبقى المستقبل مجهولًا بالنسبة للعديد من العائلات التي تعاني من ارتفاع تكاليف الإيجار ونقص المساكن. ويأمل الأهالي أن تشهد الفترة القادمة انخفاضًا في الأسعار مع انتهاء العام الدراسي، لكنهم يعترفون بأن الوضع لا يزال صعبًا.
أزمة الإيجارات في إدلب تعكس التحديات الكبيرة التي تواجه المدينة في ظل تدفق النازحين والعائدين. وبينما يبحث الأهالي عن حلول مؤقتة، تبقى الحاجة ملحة لتدخل الجهات المعنية لتوفير مساكن بأسعار معقولة وتنظيم سوق العقارات في المدينة.