بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على استعادة السيطرة على الغوطة الغربية بريف دمشق، بما فيها بلدة معضمية الشام التي شهدت سنوات طويلة من الدمار والنزوح، يبقى السؤال المُلحّ: إلى أي مدى تحسّنت الأحوال الخدمية في هذه البلدة؟ وهل يمكن الحديث عن إعادة إعمار حقيقية؟ رغم الجهود المستمرة لتجاوز التحديات، يبدو أن الطريق لا يزال طويلًا.
خدمات مقبولة لكنها لا تفي بالحاجة
رئيس بلدية معضمية الشام، أحمد إدريس، أكد في حديثه لمنصة “سوريا 24” أن الواقع الخدمي في البلدة يُعدّ مقبولًا إلى حدٍّ ما بالنظر إلى الظروف الراهنة.
وأشار إلى توافر المياه والكهرباء والهاتف والمخابز، بالإضافة إلى الخدمات السلعية والاستهلاكية اليومية، ومع ذلك، لفت إلى أن ما هو متاح حاليًا لا يرقى إلى مستوى الطموحات والاحتياجات الحقيقية للسكان.
“هذه الخدمات تُعتبر مقبولة بالمقارنة مع الوضع السابق، ولكننا نطمح إلى تحقيق المزيد”، يقول إدريس، مضيفًا أن البلدية تعمل جاهدة لتوفير أفضل الظروف الممكنة للأهالي العائدين.
لكن الواقع الاقتصادي القاسي يفرض تحدياته، فالبلدية تعاني من نقص كبير في الموارد المالية، مما يجعلها تعتمد بشكل رئيسي على المساهمات الفردية والأهلية. وهنا يبرز دور المجتمع الأهلي الذي يلعب دورًا محوريًا في دعم الحياة اليومية في البلدة، من تنظيف الشوارع إلى توفير الوقود لسيارات القمامة، حيث أصبح العمل الأهلي ضرورة لا غنى عنها.
إعادة الإعمار: تحديات تفوق الإمكانيات
فيما يتعلق بإعادة الإعمار، أفاد رئيس البلدية بأن نسبة الأبنية التي تحتاج إلى ترميم أو إعادة بناء لا تتجاوز 5% من إجمالي أبنية البلدة، ومع ذلك، فإن التحديات تبدو أكبر بكثير من الإمكانيات المتاحة.
ارتفاع أسعار مواد البناء وارتفاع أجور العمالة في ظل تدني الدخل أو انعدامه لدى الكثيرين، يجعل من الصعب على الأهالي تلبية احتياجاتهم الأساسية، ناهيك عن ترميم منازلهم أو بنائها من جديد.
سامر أبو عمر، أحد سكان البلدة، عبّر في حديثه لمنصة “سوريا 24” عن الواقع الذي تشهده البلدة قائلًا: “للأسف، ما زلنا في أول خطوة على طريق إعادة الإعمار، فالمنظمات والجمعيات تحضر لكنها لا تقدم شيئًا ملموسًا”، مبينًا أن 87% من أراضي معضمية الشام مستملكة، وأن الجهود تتركز حاليًا على رفع الاستملاك وتنظيم الأراضي وإعادتها لأصحابها.
الكفاءات العلمية بين اليأس والتطلّع
وعلى الرغم من الظروف الصعبة، تتمتع معضمية الشام بكفاءات علمية كبيرة، كما أكد أبو عمر، ومع ذلك، يواجه هؤلاء الشباب صعوبة في استغلال خبراتهم ضمن مشاريع عمل محلية: “الوضع الاقتصادي مزرٍ جدًا، ولا توجد سيولة بين أيدي الناس”، مشيرًا إلى أن الجهود المحلية تتركز حاليًا على إنشاء مركز ثقافي للبلدة لاستقطاب الكفاءات وتحفيز العمل الجماعي.
جهود أهلية وآمال بمستقبل أفضل
وفي ظل غياب الدعم الرسمي الكافي، يعتمد أهالي معضمية الشام بشكل كبير على أنفسهم، فاللجان الشعبية، مثل تلك التي يشارك فيها أبو عمر، تعمل بلا كلل لتحسين الظروف المعيشية، سواء من خلال تنظيف الشوارع أو توفير الوقود لسيارات القمامة، حيث يشكل العمل الأهلي العمود الفقري للحياة اليومية في البلدة. “نحن نسعى جاهدين، ونأمل أن يكون القادم أفضل، ولكن نحتاج إلى جمع الكفاءات واستثمارها بشكل صحيح حتى نخرج معضمية الشام وأهلها بأبهى صورة”.
الطريق نحو التعافي الكامل
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، يبقى هناك بصيص أمل، فالأشهر الثلاثة التي أعقبت التحرير شهدت تحسّنًا واضحًا في مستوى الخدمات، كما تحدث رئيس البلدية، ومع ذلك، فإن الطريق نحو التحسّن الكامل وإعادة الإعمار الحقيقية لا يزال طويلًا: “نسير بوتيرة متسارعة نحو الأفضل، ونحن واثقون بأن المستقبل سيكون أفضل، بإذن الله”.
وسط كل ذلك، فإن معضمية الشام اليوم ليست كما كانت بالأمس، فالبلدة تحاول النهوض من تحت ركام الحرب، لكنها تواجه تحديات اقتصادية وخدمية وإنسانية جسيمة، وبينما تعمل البلدية والمجتمع الأهلي جنبًا إلى جنب لتحسين الأحوال، فإن الحاجة إلى دعم رسمي وأهلي أكبر أصبحت أمرًا ملحًّا.