لبنان: ضغط لتسريع عودة السوريين مع تصعيد على الحدود

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

في ظل تصعيد عسكري متزايد على الحدود اللبنانية-السورية، أطلق مسؤولون لبنانيون نداءات عاجلة خلال الدورة التاسعة من مؤتمر بروكسل حول سوريا، مطالبين المجتمع الدولي بالضغط لتسريع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم.

وبالتزامن مع الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها النازحون السوريون في لبنان، يبرز الواقع المعقد الذي يواجهونه بين رغبتهم في العودة إلى وطنهم وتحديات الاستقرار الأمني والاقتصادي هناك، وبين الضغط من المسؤولين اللبنانيين لإجبارهم على العودة.

إغلاق المعابر غير الشرعية ضرورة ملحّة

وقال المحامي اللبناني محمد صبلوح في حديثه لمنصة سوريا: “النازحون السوريون في لبنان يعيشون حالة من التداخل والازدواجية. حسب معلوماتي، هناك من عادوا إلى سوريا وأعادوا بناء بيوتهم”.

وأضاف: “السؤال الأهم الذي يشغل اللبنانيين اليوم هو: لماذا لا يتدخل الجيش اللبناني لإغلاق المعابر غير الشرعية التي يتسلل منها النازحون؟ هذه المعابر تُدار من قبل المنظومة وحزب الله، وهناك مسلحون من فلول النظام السوري السابق وغيرهم يواصلون نشاطاتهم، بل ويظهرون في فيديوهات متداولة في منطقة البقاع وغيرها”.

لبنان ليس بلدَ لجوء

من جانبه، أكد وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، في كلمته أمام المؤتمر، أن “لبنان لم يكن يومًا، ولا هو اليوم، بلدَ لجوء بموجب القانون الدولي أو القوانين الوطنية”، مشددًا على أن “عودة اللاجئين السوريين باتت واجبة، وبعد سقوط نظام الأسد، لم يعد هناك مبرر لاستمرار إقامتهم، فهم لم يعودوا فارّين من الحرب أو الاضطهاد، بل أصبحوا مهاجرين اقتصاديين، ومن غير المنطقي تمويل بقائهم في لبنان”.

واعتبر أن “الواقع في لبنان صعب للغاية، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي دمرت قرى بأكملها وتركت شرائح واسعة من الشعب تشعر بالإهمال”.

وأشار إلى تدفق آلاف السوريين إلى لبنان قبل عشرة أيام عقب أحداث الساحل السوري، محذرًا من أن “هذا لا يعني أن علينا القبول باستبدال لاجئ بآخر”، داعيًا إلى نهج سريع لحل الأزمة يتجاوز تقديم المساعدات الإنسانية، ويعكس المشهد الجيوسياسي المتغير في سوريا.

وفي هذا الجانب، رد صبلوح بالقول: “المسؤولون اللبنانيون إذا كانوا جادّين ومنطقيين، فعليهم إغلاق هذه المعابر ومنع التسلل، واتخاذ إجراءات أمنية تمنع أي إساءة للدولة السورية الجديدة عبر عمليات مشبوهة”، مؤكدًا أنه “لا يمكن أن نطالب الدول التي دعمت الشعب السوري ضد نظام الأسد بتحمل مسؤولية هذا الفشل الأمني”.

فرصة تاريخية للعودة

أكد رجي أن التغيرات في سوريا بعد سقوط النظام السابق فتحت الباب أمام فرصة تاريخية لعودة النازحين، واستند إلى استطلاع حديث أجرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أظهر أن نحو 355 ألف سوري في لبنان مستعدون للعودة خلال الـ 12 شهرًا المقبلة إذا توفرت الموارد المالية والدعم اللوجستي.

ولفت إلى أن “رفع العقوبات عن القطاعات الرئيسية في سوريا أمر بالغ الأهمية للانتقال من مرحلة التعافي إلى إعادة الإعمار الشاملة”، داعيًا المجتمع الدولي إلى “دعم السوريين داخل سوريا” وتشجيع مشاركتهم في العملية السياسية.

من جهته، قال المحلل السياسي مالك عبيد في حديثه لمنصة سوريا: “منذ سقوط نظام الأسد وانهيار حزب الله أمام الضربات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني وفي معقل الحزب في الضاحية الجنوبية، بقيت الحدود بين لبنان وسوريا هادئة، ولم تحدث بها أي اختراقات أمنية، إلى أن حدثت عملية الانقلاب الفاشلة لفلول النظام المدعوم من إيران ومن ميليشيات حزب الله اللبناني وبدعم روسي بشكل غير مباشر. ونتيجة فشل هذا الانقلاب، بدأت ميليشيات حزب الله بالتصعيد العسكري على الحدود اللبنانية-السورية لزعزعة أمن واستقرار سوريا وإثارة البلبلة، خاصة أن هذه الميليشيات كانت ولا تزال تعتمد على تهريب المخدرات والسلاح عبر هذه الحدود ذات الطبيعة الوعرة والمتشابكة، مما اضطر الحكومة السورية، مدعومة بجيشها الوطني، إلى تطهير هذه الحدود من ميليشيات حزب الله ومن فلول النظام التي تعمل مع هذه الميليشيات”.

وتابع: “ونحن نعلم أن الحكومة اللبنانية لا تزال ضعيفة ولا يمكنها السيطرة على هذه الميليشيات المنفلتة، ونتيجة الضغوط من قبل هذه الميليشيات ومن تيارات لبنانية أخرى، بدأت تتعالى أصوات المسؤولين اللبنانيين من بروكسل بالمطالبة بتسريع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بحجة تحرير سوريا وأنها أصبحت بلدًا آمنًا. ويشكّل هذا الطلب، في هذه المرحلة، عامل ضغط على الحكومة السورية وعلى سوريا بشكل عام، كونها تعاني من عدة صعوبات، سواء من حيث البنية التحتية المدمرة، أو المدن المدمرة، إضافة إلى المعاناة الكبيرة في الحياة الاقتصادية، خاصة أن العقوبات لا تزال مفروضة على سوريا ولم تُرفع، وهذا أيضًا يُعتبر تحديًا كبيرًا للحكومة السورية الجديدة”.

الضغط اللبناني لتسريع العودة

وبرغم كل هذه الصعوبات، نرى أن الجانب اللبناني، مدفوعًا من بعض التيارات اللبنانية ومن حزب الله، يطلب ويضغط على الحكومة اللبنانية لتسريع عودة السوريين النازحين إلى بلادهم، دون النظر إلى ما تعانيه سوريا من أزمات، سواء كانت اقتصادية أو بسبب البنية التحتية المدمرة.

وقبيل الجلسة الافتتاحية لمؤتمر بروكسل، التقت وزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيد، بالمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، حيث ركز النقاش على وضع خطة عودة محددة التكلفة والجدول الزمني، لا سيما مع تأكيد استطلاع أممي أن نحو 400 ألف سوري مستعدون للعودة إذا توفّر الدعم اللازم، بينما أكد غراندي التزامه بالتعاون مع لبنان في إدارة بيانات العودة.

ختامًا

يصرّ المسؤولون اللبنانيون على تسريع عودة النازحين السوريين بعد سقوط نظام الأسد السابق، مؤكدين أن لبنان ليس بلدَ لجوء، وداعين في الوقت ذاته المجتمع الدولي إلى دعم خطة عودة فورية وإغلاق المعابر غير الشرعية، خاصة مع تفاقم الأوضاع بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

مقالات ذات صلة