وسط الدمار الذي خلّفته الحرب، وفي ظل غياب البنية التحتية الأساسية، أطلق المدرس صلاح زعتور مع مجموعة من زملائه مبادرة لإعادة التعليم إلى أطفال كفرنبل العائدين من المخيمات، فبرغم انهيار المدارس وافتقارها لأبسط مقومات العملية التعليمية، كان لا بد من توفير مكان يستقبل هؤلاء الأطفال، ليكون لهم حق في التعلم من جديد.
يقول المعلم زعتور في حديثه لمنصة سوريا 24 : “بعد عودة بعض الأهالي إلى كفرنبل رغم دمار بيوتهم، لاحظنا أن أطفالهم ظلوا بلا تعليم، إذ لم تكن هناك مدرسة جاهزة لاستقبالهم. لذلك قدمنا طلبًا لمديرية التربية لافتتاح مدرسة من الصف الأول حتى السادس، وبالفعل تمت الموافقة عليه، لكن التحديات كانت أكبر مما تصورنا”.
مدرسة على أنقاض الحرب
افتُتحت المدرسة رغم انعدام أبسط التجهيزات، فلا نوافذ تحمي الأطفال من البرد، ولا أبواب تقيهم من الرياح، ولا حمامات أو تدفئة أو مقاعد دراسية. “لم يكن هناك خيار سوى افتتاح المدرسة رغم كل شيء”، يوضح زعتور. ومع تدمير معظم المدارس في المنطقة، وقع الاختيار على أفضل مبنى متاح، ليكون بداية جديدة رغم كل المصاعب.
بمبادرة مجتمعية، شارك الأهالي والدفاع المدني في تنظيف المدرسة، وغسل الصفوف، وتجهيز الأرضيات بما تيسر. “كل عائلة ساهمت بما تستطيع، البعض أحضر حصير وآخرون وفروا قطع إسفنج للجلوس عليها، كما تمكنا من تأمين سبورات للكتابة، لكن الصفوف بقيت بلا أبواب أو نوافذ، في ظل نقص حاد في المستلزمات الأساسية”، يضيف المعلم.
تحديات يومية وصراع مع الظروف
ما تزال المدرسة تواجه عقبات كبيرة تعيق سير العملية التعليمية، أبرزها غياب الحمامات ودورات المياه المناسبة للأطفال، وهو ما يزيد من معاناة الطلاب والمعلمين، وبجهود فردية وتبرعات الأهالي، تم جمع مبلغ بسيط مكّنهم من إصلاح وتأهيل حمام واحد فقط للطلاب، لكن الاحتياجات تبقى كبيرة.
“المدرسة افتتحت من العدم”، يقول زعتور، مضيفًا أن المدرسين الأربعة الموجودين حاليًا وجميع الطلاب يضطرون للجلوس على الأرض لإعطاء الدروس، في ظل غياب الطاولات والمقاعد الدراسية.
150 طالبًا ومستقبل مجهول
رغم الظروف القاسية، استقبلت المدرسة حتى الآن نحو 150 طالبًا من كفرنبل والقرى المجاورة، والتسجيل لا يزال مستمرًا. لكن مع غياب الكتب، وقلة عدد المعلمين، تبقى العملية التعليمية محفوفة بالمصاعب.
يؤكد زعتور أن المدرسة تمثل بصيص أمل للأطفال العائدين، لكنها بحاجة ماسة للدعم لاستمرارها. “نحن نعلم أن الظروف صعبة، لكن لا يمكن ترك هؤلاء الأطفال دون تعليم، نأمل أن يصل صوتنا إلى الجهات المعنية والمنظمات الداعمة لإنقاذ مستقبل طلابنا”.
في ظل غياب الحلول الرسمية، تبقى هذه المبادرة شاهدًا على إرادة الأهالي في مواجهة الخراب، وإصرارهم على تأمين حق التعليم لأبنائهم، مهما كانت الظروف.