أعلنت وزارة الخارجية السورية عن بدء تنفيذ حركة تغييرات دبلوماسية شملت عددًا من السفارات في الخارج، وذلك في إطار خطة إعادة هيكلة تهدف إلى تحديث الكوادر وتوجيه البعثات بما يتماشى مع السياسات الجديدة للدولة.
وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية لوكالة سانا إن “وزير الخارجية أصدر قرارًا يقضي بنقل كلٍ من سفيري الجمهورية العربية السورية في روسيا والمملكة العربية السعودية إلى الإدارة المركزية في دمشق”، موضحًا أن القائمين بالأعمال سيتولّون تسيير شؤون السفارتين بشكل مؤقت، إلى حين صدور التعيينات الرسمية من قبل رئيس الجمهورية.
القرار شمل نقل بشار الجعفري، سفير سوريا لدى روسيا، وأيمن سوسان، سفير سوريا لدى السعودية، اللذين شغلا منصبيهما منذ عهد النظام البائد، واشتهرا بمواقفهما الداعمة “التشبيحية” لسياسات بشار الأسد، خاصة في المحافل الدولية، حيث عُرفا بخطاباتهما المتشددة والمُبرِّرة لممارسات النظام خلال سنوات الثورة السورية.
من هو بشار الجعفري؟
بشار الجعفري من مواليد دمشق عام 1956، بدأ مسيرته الدبلوماسية في الثمانينيات، وتقلّد مناصب عدة، أبرزها تمثيل سوريا الدائم في الأمم المتحدة بين عامي 2006 و2020، حيث كان واجهة الخطاب الرسمي السوري خلال النزاع. عُيِّن لاحقًا نائبًا لوزير الخارجية، ثم سفيرًا في موسكو عام 2022.
أبرز مواقف الجعفري الداعمة لبشار الأسد
خلال سنوات حرب الأسد على الشعب السوري، برز بشار الجعفري كواحد من أبرز وجوه الدبلوماسية السورية المدافعة عن نظام بشار الأسد في المحافل الدولية، وخاصة في مجلس الأمن، حيث شغل منصب المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة منذ عام 2006. ومنذ اندلاع الثورة السورية في 2011، اتخذ الجعفري مواقف متشددة رافضة للحراك الشعبي، وعمل على تقديم رواية رسمية تتهم المعارضة بالتآمر على الدولة، متجاهلًا مطالب السوريين بالحرية والإصلاح.
من أبرز مواقف الجعفري، نفيه المتكرر لاستخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، خاصة بعد الهجوم على الغوطة الشرقية عام 2013 الذي خلّف مئات القتلى من المدنيين، حيث وصف الجعفري الاتهامات الدولية بأنها مجرد “حملة دعائية عدائية” ضد دمشق.
كما رفض في أكثر من مناسبة تقارير أممية توثّق انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من قبل قوات النظام، بما في ذلك تقارير اتهمت الحكومة السورية باستهداف الأطفال والمشافي والمناطق السكنية، واعتبرها منحازة ومفبركة.
في تصريحاته المتكررة، سعى الجعفري إلى تشويه صورة المعارضة السورية، وحرص على وصف كل فصائلها بـ”الجماعات الإرهابية”، مع التركيز على فكرة أن ما يجري في البلاد هو “مؤامرة دولية” تستهدف استقرار سوريا، مدعومة من قوى خارجية مثل الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج.
ولم تخلُ مداخلاته في مجلس الأمن من محاولات استخدام معلومات مضللة، حيث عرض في ديسمبر 2016 صورة لجندي يساعد امرأة مسنّة مدّعيًا أنها التُقطت في مدينة حلب من قبل الجيش السوري، ولاحقًا، تبيّن أن الصورة قد التُقطت في مدينة الفلوجة العراقية، ما أثار انتقادات واسعة واعتُبر دليلًا على استخدام التضليل في الخطاب الرسمي.
حتى في مسار المفاوضات السياسية، لعب الجعفري دورًا معرقلًا، حيث كان يقود وفد النظام في محادثات جنيف، ورفض مرارًا التعامل مع ممثلين عن المعارضة مثل محمد علوش، بل اشترط في إحدى المرات أن “يحلق لحيته”.
من هو أيمن سوسان؟
أما أيمن سوسان، فقد شغل منصب نائب وزير الخارجية، وبرز خلال سنوات الحرب كأحد أبرز الوجوه الإعلامية الرسمية المدافعة عن النظام. وفي ديسمبر 2023، تم تعيينه سفيرًا في الرياض، ليكون أول سفير سوري في السعودية بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عقب قطيعة دامت أكثر من عقد.
أبرز مواقف “سوسان” ضد الثورة السورية
خلال سنوات حرب بشار الأسد على الشعب السوري، ظهر أيمن سوسان كأحد أبرز الوجوه الإعلامية الرسمية المدافعة عن النظام السوري، من خلال تصريحات سياسية منتظمة تعكس نهج السلطة في التعامل مع الثورة السورية.
وقد اتّسمت مواقفه بالتشكيك بشرعية الحراك الشعبي، ووصف ما جرى منذ عام 2011 بأنه “مؤامرة خارجية”، وليس ثورة نابعة من الداخل.
في عدد من تصريحاته الرسمية، شدّد سوسان على أن ما شهدته البلاد هو “محاولة لإسقاط الدولة السورية عبر الإرهاب”، متهمًا الدول الغربية وتركيا ودول الخليج بـ”تمويل وتسليح الجماعات المسلحة”، وهو المصطلح الذي استخدمه النظام في توصيف فصائل المعارضة بمختلف أطيافها، بما في ذلك القوى السياسية المعارضة.
كما عبّر في لقاءاته الإعلامية المتكررة عن رفضه لأي عملية انتقال سياسي لا تكون بقيادة بشار الأسد، مشيرًا إلى أن “الشعب السوري هو من يقرّر مصيره عبر صناديق الاقتراع”، في تجاهل واضح لما كان يجري على الأرض من قمع وتهجير وانتهاكات وثّقتها منظمات دولية.
وفي مؤتمرات صحفية عدة، هاجم سوسان شخصيات المعارضة في الخارج، واعتبر أنها “مرتبطة بأجندات أجنبية ولا تمثّل السوريين”، كما رفض في أكثر من مناسبة نتائج التحقيقات الأممية في جرائم الحرب التي اتُّهِم بها النظام، ووصفها بأنها “أداة للابتزاز السياسي”.
وتُعدّ هذه الخطوة واحدة من أبرز مؤشرات التغيير في السياسة الخارجية السورية منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية، وسط ترقّب لتعديلات دبلوماسية أخرى قد تطال وجوهًا معروفة ارتبطت بمرحلة النظام البائد، واشتهرت بالدفاع عن نظام بشار الأسد.