الفستق الحلبي… محصول استراتيجي يعاني التراجع والإهمال

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تواجه زراعة الفستق الحلبي في سوريا أزمة مركبة، تجمع بين التغير المناخي، غياب الدعم الزراعي، وتداعيات سنوات الحرب. فرغم تمتع سوريا بتراث زراعي غني في هذا المجال، واحتلالها المرتبة الرابعة عالميًا بعدد الأشجار، فإنّ الواقع الميداني يُنذر بتراجع حاد في الإنتاجية، وفقدان مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة.

سنوات الانقطاع تركت آثارًا عميقة

وعلى الرغم من محاولات بعض المزارعين استعادة أراضيهم بعد التهجير، إلا أن غياب الخدمات والرعاية جعل الوضع أكثر سوءًا، حيث يرى محمد السلوم العبد، مزارع من خان شيخون، أنّ الإهمال الطويل سمح بانتشار أمراض وآفات ضارة، وعلى رأسها حشرة الكومبودوس، وقال لمنصة سوريا 24 إنّ “بعض الأشجار تضررت بشكل كامل، فيما تراجع إنتاج غيرها بسبب نقص المتابعة وضعف الإمكانيات”.

التقليم العشوائي يُضعف الإنتاج… والإرشاد غائب

ومع غياب التوجيه الزراعي، تُرك المزارعون يواجهون المواسم وحدهم دون أي دعم تقني أو توجيهي، وهو ما أكده غازي البكري، مزارع من بلدة التمانعة، لمنصة سوريا 24، مشيرًا إلى أنّ التقليم الجائر ساهم في تيبّس الأفرع وتدهور الحالة العامة للأشجار، لافتًا إلى أنّ غياب الإرشاد الزراعي أثّر سلبًا على إنتاج الموسم الحالي، منوّهًا بحاجة الفلاحين إلى متابعة حقيقية من الجهات المعنية.

الجفاف يضرب الأراضي البعلية… والآفات تتوسع

إلى جانب الإهمال، تلعب الظروف المناخية القاسية دورًا في تعقيد المشهد، فالمهندس الزراعي إسماعيل القاطوف يشير خلال حديثه إلى منصة 24 أن الإنتاج في الأراضي البعلية، خاصة في مناطق الاستقرار الأولى، قد ينخفض حتى 80% نتيجة انحباس الأمطار. وبيّن أن حتى الأراضي المروية ليست بمعزل عن التراجع، إذ يُتوقع انخفاض إنتاجها بنسبة 15 إلى 20% بسبب قلة الرطوبة وانتشار الأمراض.

ونوّه القاطوف بأنّ غياب الدورة الزراعية وتكرار المحاصيل في المناطق التي كانت تحت نفوذ النظام، أضعف التربة بشكل عام. وشدّد على أهمية تنشيط الإرشاد الزراعي وتقديم قروض ميسّرة لتركيب الطاقة الشمسية للآبار، مما يساهم في خفض تكاليف الإنتاج وضمان استمرارية الزراعة.

مناطق زراعية بأكملها خرجت من الخدمة

وفي ظل هذه التحديات، تواجه مناطق رئيسية في زراعة الفستق الحلبي خطر التدهور، إذ تُعدّ منطقة القلمون – عين التينة بريف دمشق موطنًا لأقدم أشجار الفستق في البلاد، ويُقدّر عمر بعضها بأكثر من ألف عام، لكنها اليوم تواجه خطر الانقراض. كما خرجت مساحات شاسعة في إدلب، حماة، حمص، دير الزور، والسويداء من الخدمة بسبب الحرق، القطع، والتهجير الممنهج خلال الحرب.

الوزارة تقر بالمشكلة… وتعد بخطة إنقاذ

تدرك وزارة الزراعة حجم التحديات، وتقول إنها بصدد تنفيذ خطة شاملة لدعم هذا القطاع، وفق ما أكده المهندس عادل الهواش، مدير مكتب الفستق الحلبي في وزارة الزراعة لمنصة سوريا 24، وقال إنّ الإنتاج المقدّر لعام 2024 بلغ نحو 77,301 طن، إلا أنّ الموسم المقبل مُرشّح للضعف بسبب المعاومة، الجفاف، وقلة الخدمات الزراعية.

ونوّه إلى أن الوزارة تعمل على تأمين المحروقات للري، وتقديم الأسمدة، والمصائد الفرمونية لمكافحة الآفات، إلى جانب منح مالية لتحفيز المزارعين على مكافحة حشرة الكابنودس، موضحًا أن الغراس الجديدة من نوع “البطم الأطلسي” ستُوزع بأسعار تشجيعية نظرًا لمقاومتها للأمراض.

وشدّد الهواش على أهمية دعم المزارعين خلال سنوات التأسيس الأولى، وتوفير قروض بدون فوائد للمهجّرين بهدف إعادة تأهيل أراضيهم. أما على مستوى التسويق، فأشار إلى جهود الوزارة في حماية المنتج المحلي من المنافسة الأجنبية، من خلال منع استيراد الفستق، ومكافحة التهريب، وإعادة تأهيل سوق مورك، إضافة إلى فتح نوافذ تصدير جديدة عبر المعارض الدولية.

مقالات ذات صلة