درعا: التوتر الأمني يُخيم على بصرى الشام.. ما حقيقة المواجهات؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

شهدت مدينة بصرى الشام، الواقعة في ريف محافظة درعا الشرقي، حالةً من التوتر الأمني غير المسبوق، تخللها انتشار مكثف للقوى الأمنية وفرض حظر تجوال في عدد من أحياء المدينة.

جاء ذلك بعد حوادث إطلاق نار أدت إلى إصابة شاب وإثارة جدل واسع حول طبيعة ما يجري، مع تداول أنباء متضاربة بين “انقلاب مزعوم” واشتباكات مسلحة، فيما تبيّن لاحقاً أن الواقع مختلف تماماً عن الروايات المتداولة.

بداية الأحداث

بدأت الحوادث مساء أمس الخميس، وحسب مصادر من المنطقة فقد أُصيب بلال الدروبي المقداد، وهو أحد أبناء المدينة وأحد المنضمين مؤخراً إلى صفوف وزارة الدفاع، جراء تعرضه لإطلاق نار أثناء محاولة قوة تابعة للأمن العام اعتقاله.

وقد نُقل الدروبي إلى مستشفى مدينة بصرى الشام لتلقي العلاج، ووُصفت حالته بالبالغة، كما ذكرت المصادر ذاتها إصابة شخصين آخرين كانوا برفقته.

حملة أمنية لمكافحة المخدرات

وفي ظل غموض المشهد، تبادلت بعض الصفحات الإخبارية والمنصات الاجتماعية أنباءً عن “انقلاب مزعوم” لفصائل اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة على وزارة الدفاع داخل المدينة، مشيرةً إلى حدوث اشتباكات عنيفة ومحاولات اغتيال.

ووفق أبناء المنطقة، فإن ما يجري فعلياً في مدينة بصرى الشام هو تنفيذ حملة أمنية واسعة النطاق تقودها وزارة الداخلية ضد تجار ومروجي المخدرات في المنطقة.

وأكدت مصادر مطلعة أن القوى الأمنية قامت بتعزيز انتشارها في المدينة، وفرضت حظر تجوال في عدد من الأحياء بهدف ضبط الوضع ومنع أي أعمال عنف أو فوضى.

وأشارت شبكة درعا 24 إلى أن مصدر إطلاق النار كان عناصرَ محليةً تابعةً لقوى الأمن العام، الذين حاولوا اعتقال الدروبي، دون أن يكون هناك أي صدام مسلح حقيقي أو انقلاب كما تردد في البداية.

وذكرت الشبكة أيضاً أن الطرفين – سواء الدروبي أو قوات الأمن العام – هما من أبناء المدينة، مما يجعل الأمر أكثر تعقيداً على الصعيد المحلي.

صراع النفوذ في بصرى الشام: قراءة أعمق

من جهته، قال المحلل الأكاديمي أحمد الحمادي، ابن محافظة درعا، في حديث لمنصة سوريا 24: “إنه بعد سيطرة النظام على درعا عام 2018 بدعم روسي وإيراني، تحوّل فصيل (شباب السنة) بقيادة أحمد العودة إلى (اللواء الثامن)، الذي أصبح تحت مظلة الأمن العسكري الروسي، وعلى الرغم من استيعابه للمطلوبين للخدمة العسكرية، إلا أنه اتُّهم بالتواطؤ مع النظام السابق في استهداف مناطق مثل درعا البلد”.

وأضاف أن “تصاعد التوتر في بصرى الشام جاء بعد محاولة اغتيال القائد العسكري بلال الدروبي المقداد، أحد أبرز منافسي أحمد العودة، ورافق ذلك اعتقال العشرات من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام، في خطوة تهدف إلى إضعاف نفوذ اللواء الثامن، الذي يعتمد الآن على أقل من 300 عنصر في المدينة”.

ولفت إلى أن “الأحداث تعكس صراعاً واضحاً على النفوذ بين اللواء الثامن وقوات الأمن العام السوري التابع للحكومة السورية الحالية، وسط اتهامات للواء بالتورط في جرائم ضد المدنيين وتسليم آلاف المعتقلين للنظام السابق، كما كشفت الحادثة هشاشة الوضع الأمني وهشاشة الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار”.

رد فعل المجتمع المحلي

وفي إطار تداعيات الأحداث، أصدر وجهاء وشيوخ مدينة بصرى الشام بياناً مهماً أكدوا فيه تمسكهم بوحدة سوريا وأمنها، ورفضهم لكل أشكال العنف والفوضى التي قد تهدد استقرار المواطنين.

وقال البيان: “نحن وجهاء وشيوخ وعقلاء مدينة بصرى الشام نعلن وقوفنا صفاً واحداً خلف أبنائنا العسكريين المسؤولين عن أمن المدينة في مواجهة كل التحديات”.

وشدّد البيانُ على أهمية التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي نشاطٍ مشبوه، داعياً الشباب إلى الابتعاد عن أي ممارسات قد تضر بمستقبلهم وأمنهم. كما أعرب الموقعون على البيان عن رفضهم لأي محاولات تستهدف استغلال الظروف لتحقيق أجندات خارجية.

وفي هذا السياق، قال الناشط المدني محمد الهويدي في حديث لمنصة سوريا 24: “رجال الإصلاح في حوران يعملون حالياً على حل الأمور، وما أعرفه حتى الآن هو أن الوضع إيجابي ولا يوجد أي انقلاب كما تم تداوله، إنما العملية التي حصلت كانت حملة أمنية تستهدف تجار ومروجي المخدرات، ومن بين المستهدفين كان الشخص المدعو بلال الدروبي”، مبيناً أن محاولات الاعتقال نفذتها قوة من الأمن العام الموجود في بصرى الشام.

وأشار إلى أن “الوضع حالياً هادئ، وتُبذل جهودٌ من أهل الإصلاح للتوسط بين الطرفين، والأمور تتجه نحو الحلول الإيجابية، وأعتقد أن جميع الأطراف غير راغبة في التصعيد”.

تحركات عسكرية واسعة

وتزامناً مع الأحداث، شهدت بلدة السهوة المجاورة لتجمع بصرى الشام وصول رتل عسكري تابع لإدارة الأمن العام، كما وصل رتل آخر إلى بلدة الجيزة.

ويأتي هذا التحرك في إطار تعزيز الجهود الأمنية لضمان استقرار المنطقة ومنع أي تصعيد محتمل.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الجهات الأمنية إلى إعادة الهدوءِ إلى المدينة، دعت السلطات الإعلاميين والمتابعين إلى تحري الدقة وعدم الانجرار وراء الأخبار المفبركة التي قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وأكدت المصادر الرسمية أن الأولوية الآن هي لمكافحة آفة المخدرات والإرهاب، وليس لتأجيج الفتن أو نشر معلومات مضللة.

مقالات ذات صلة