يعيش طلاب عدد من القرى الواقعة في ريف القامشلي حالة من التشتّت والضياع التعليمي، منذ ما يزيد عن شهرين، بسبب إغلاق المدارس الواقعة سابقًا تحت سيطرة النظام السابق، دون وجود بديل تعليمي واضح، ما أدى إلى توقف العملية التربوية بشكل تام، وسط غياب التوجيه من الجهات المعنية، سواء من “الإدارة الذاتية” أو من الحكومة السورية أو من أية جهة تعليمية بديلة، ما وضع الكوادر التدريسية والأهالي أمام واقع غامض ينذر بخسارة عام دراسي كامل.
وفي هذا السياق، قال المدرّس أبو أنس من قرية “ذبانة” بريف القامشلي، في تصريح خاص لمنصة سوريا 24:
“المدارس في قريتنا مغلقة منذ أكثر من شهرين، ونحن ككادر تدريسي نعمل ضمنها سابقًا، كنا نتبع للنظام السابق قبل السقوط في المنطقة، ومنذ سقوطه لم يتم توجيهنا بأي تعليمات حول مصير العملية التعليمية، ولا يوجد أي بديل، ولا تواصل من دائرة التربية والتعليم، ولا من أي جهة مسؤولة.”
يوضح أبو أنس أن الطلاب هم الخاسر الأكبر، ويقول:
“نحن كمدرّسين جالسون دون عمل، والمدارس مغلقة، ولا يوجد أي تحرك أو قرار واضح حول الجهة التي ستدير هذا الملف، سواء كانت الإدارة الذاتية أو الحكومة السورية، وحتى الآن لم نرَ توجيهات من أية حكومة جديدة أو وزارة تعليم.”
أكمل المدرّس أن وضع الطلاب في تراجع مستمر، خاصة الأطفال، لأن التعليم انقطع فجأة، والمصير مجهول، مناشدًا المسؤولين إيجاد حل أو قرار واضح حتى يتمكنوا من العودة إلى العمل واستقبال الطلاب قبل أن يخسروا عامًا دراسيًا كاملًا.
أما “هاني أحمد الحسين”، وهو أحد أهالي القرية، فقد عبّر عن مخاوفه من بقاء أبنائه بلا تعليم، قائلًا:
“منذ أن سقط النظام، والمدارس مغلقة، وهذا الوضع استمر لفترة طويلة. أولادي، أحدهم في الصف الثالث والآخر في الصف الرابع، جالسون في البيت بلا دراسة، ومستواهم تراجع كثيرًا، وكل يوم يضيع من عمرهم ومستقبلهم.”
وأضاف في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “الحقيقة أن التعليم لم يعد له اهتمام، والمدرّسون تركوا العمل، ولا نعرف من هو المسؤول، لا تعليم نظامي ولا الإدارة الذاتية استلمت المدارس بشكل رسمي، ونحن كأهالٍ محتارون، لا نعرف لمن نلجأ أو ما الذي علينا فعله. الوضع لا يحتمل التأخير، وكان من المفترض أن يستعد بعض الطلاب للامتحانات، لكن الآن لا مدارس ولا مدرّسين. مناشدتنا للجهات المعنية أن تسرع بإيجاد حل، لأن التعليم لا يجب أن يكون ضحية لأي خلاف سياسي أو إداري.”
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه وزير التربية السوري، محمد تركو، في تصريحات لقناة “روداو”، عن التوصل إلى صيغة تفاهم مبدئية مع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بشأن ملف التعليم، مشيرًا إلى وجود لقاء مرتقب مع وفد من هيئة التربية لمناقشة التفاصيل. وأكد أن الإعلان الكامل عن هذا التفاهم سيتم بعد سلسلة من الاجتماعات، ما يفتح باب الأمل أمام الأهالي والكوادر التعليمية في المناطق المتأثرة، بانتظار خطوات عملية تنهي حالة الغموض وتعيد الطلاب إلى مقاعدهم الدراسية.
الوضع التعليمي في ريف القامشلي يشكّل جرس إنذار حقيقي، خصوصًا في المناطق التي لم تُحسم فيها بعد الجهة المسؤولة عن إدارة الملف التعليمي. ومع اقتراب انتهاء العام الدراسي، تبقى مئات العائلات في حيرة من أمرها، بانتظار قرار يعيد الحياة إلى مقاعد الدراسة، ويمنح الأطفال حقهم الأساسي في التعليم.