إدلب: نهوض القطاع الصناعي وتيسيرات للمستثمرين

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

بعد سقوط نظام الأسد، بدأت ملامح تعافٍ تدريجي تظهر في القطاع الصناعي بمناطق شمال غرب سوريا، خاصة في إدلب، حيث ارتفع عدد المنشآت الصناعية، وشهدت التراخيص إقبالًا متزايدًا من قبل المستثمرين. ورغم التقدّم المحرز، لا تزال هناك تحديات كبيرة تهدّد وتيرة النهوض، على رأسها العقوبات الأميركية التي تعيق وصول المواد الخام إلى سوريا.

60 منشأة مرخصة منذ بداية العام

قال المهندس أحمد القاسم، مدير الصناعة في إدلب، لـ”سوريا 24”، إن القطاع الصناعي يشهد تحسنًا ملموسًا منذ بداية العام 2025، موضحًا أن “عدد التراخيص الصناعية الصادرة بلغ نحو 60 منشأة في قطاعات متنوّعة، أبرزها الصناعات الهندسية والنسيجية والغذائية”.

وأكّد القاسم أن “قطاع الحديد والألمنيوم تصدّر التراخيص بعدد 25 مصنعًا”، مضيفًا أن “عدد الطلبات يرتفع شهريًا بمعدل 20%، بفضل تحسّن الخدمات، وتوفّر الطرق، والمحروقات، وتقديم تيسيرات للمستثمرين”.

تيسيرات جمركية… ونموذج موحّد في الطريق
أوضح القاسم أن السلطات ما زالت تعتمد الإجراءات التي كانت متّبعة في عهد حكومة الإنقاذ “بشكل مؤقّت”، إلى حين اعتماد نموذج ترخيص موحّد على مستوى سوريا.

ولفت إلى أن التيسيرات الحالية تشمل “إعفاء الآلات الصناعية من الرسوم الجمركية، ودراسات لحماية المنتجات المحلية، خاصة في قطاعات الألبسة والصناعات الغذائية”.

حميدي: إدلب بيئة آمنة للاستثمار لكن هناك بعض المعوقات

من جهته، قال الصناعي مصطفى حميدي، صاحب معمل في المنطقة الصناعية في باب الهوى، إن القطاع الصناعي شهد تحسّنًا نسبيًا منذ بداية العام، مشيرًا إلى أن التكاليف الإجمالية ارتفعت بنسبة تُقدّر بحوالي 10%، نتيجة لعدّة عوامل أبرزها زيادة رسوم استيراد المواد الأولية وارتفاع أجور الشحن.

وأوضح حميدي أن “أبرز ما لاحظناه هو انخفاض واضح في الجمارك والضرائب بالمقارنة مع مناطق سيطرة النظام، إذ تُعد الرسوم هنا في الحد الأدنى، ما شكّل بيئة محفّزة نسبيًا للصناعيين المحليين”.

وأضاف: “الصناعيون القادمون من مناطق النظام هم من شعروا بالفارق الأكبر، نتيجة انتقالهم من منظومة معقّدة ومكلفة إلى بيئة أكثر مرونة”.

في المقابل، نبّه حميدي إلى أن الطاقة لا تزال تمثّل العقبة الأكبر أمام التشغيل الصناعي، موضحًا أن “أسعار المازوت شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بعد التحرير”، كما لفت إلى أن “أجور العمالة شهدت ارتفاعًا ملحوظًا نتيجة الطلب الكبير وقلّة المعروض، خاصة بعد حركة نزوح عكسي أدّت إلى تناقص عدد الأيدي العاملة المؤهّلة”، معتبرًا أن هذه التحديات تتطلّب حلولًا مستدامة من قبل الجهات المعنيّة لضمان استمرارية الإنتاج وتوسّع القطاع.

تكاليف الاستيراد مرتفعة بسبب العقوبات

أشار عدد من الصناعيين إلى أن استيراد المواد الأولية عبر الموانئ السورية يبقى مكلفًا جدًا بسبب العقوبات الدولية، واعتماد البلاد على شركة شحن وحيدة (CMA CGM).

ونتيجة لذلك، يلجأ المصنعون إلى ميناء مرسين التركي كخيار أقل كلفة، ما يجعل تركيا ممرًا رئيسيًا للتصدير والاستيراد في المنطقة.

نقص الكهرباء يصل إلى 80%… وخطة لإعادة التأهيل

رغم التقدّم الصناعي، لا تزال أزمة الكهرباء تمثّل العقبة الكبرى أمام التنمية في الشمال السوري. وبحسب تقارير “اقتصاد الشرق”، فإن سوريا تعاني من عجز كهربائي يصل إلى 80% من الاحتياج الوطني.

وتعمل وزارة الطاقة في الحكومة الانتقالية على إعادة تأهيل محطات التوليد المتضرّرة وزيادة القدرة الإنتاجية تدريجيًا لتلبية الطلب المتزايد، وسط جهود مكثّفة لتأمين مصادر طاقة بديلة ومستدامة.

في مواجهة التحديات المتراكمة، تعمل الحكومة الانتقالية على تنفيذ خطة وطنية شاملة تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز التعافي الصناعي. وتشمل هذه الخطة جذب الاستثمارات الخارجية، وإطلاق مشاريع لإعادة تأهيل البُنى التحتية، وتقديم تيسيرات للصناعيين والمستثمرين، بالإضافة إلى توحيد إجراءات الترخيص وتسهيل الوصول إلى مصادر التمويل. وتأتي هذه الجهود في إطار محاولة لتعويض الفاقد الاقتصادي الكبير الذي شهدته البلاد خلال سنوات الحرب، وخلق بيئة إنتاجية أكثر استقرارًا تُسهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين السوريين.

مقالات ذات صلة