أطلق عدد من الناشطين والمنظمات المدنية، منذ عدة أشهر، حملة بعنوان “الشعب السوري واحد”، تهدف إلى تعزيز وحدة السوريين بتنوعهم، وتشجّع على الحوار وبناء الثقة مع احترام الهويات الفرعية ضمن هوية سورية جامعة، لبناء مجتمع قائم على العدالة والتعاون. ومن أنشطة هذه الحملة، مبادرة “مضافة السوريين”، التي تهدف إلى تقييم واقع السلم الأهلي في سوريا، والعمل على بناء تدخلات تتناسب مع هذا الواقع، دون الاعتماد على نماذج جاهزة قد لا تكون ملائمة للسياق السوري.
وضمن أنشطة هذه المبادرة، أُطلقت حملة حوارية حملت عنوان “مضافة السوريين”، سعت إلى عقد جلسات نقاشية في مختلف المحافظات السورية، بما فيها ريف دمشق، السويداء، القنيطرة، حمص، طرطوس، درعا، حماة، واللاذقية، وذلك لمناقشة أوضاع السلم الأهلي في كل محافظة على حدة، وبما يراعي السياقات المحلية المتباينة.
وفي حديث خاص لمنصة “سوريا 24“، أكّد عماد خولاني، عضو في “شبكة وصل” وميسّر إحدى الجلسات في ريف دمشق، أن الهدف من هذه اللقاءات يتمثل في تحليل السياقات المختلفة على امتداد الجغرافيا السورية، تمهيدًا لبناء ورقة بحثية تعتمد على مخرجات الجلسات.
وأضاف أن الورقة سيتم إعدادها من قِبل خبراء في تحليل البيانات، بهدف بلورة توصيات واقعية حول آليات تعزيز السلم الأهلي، والابتعاد عن الحلول المستوردة التي قد لا تنسجم مع خصوصية المجتمع السوري.
وأشار خولاني إلى أن كل جلسة شهدت حضور ما بين 15 إلى 20 مشاركًا من مختلف الخلفيات البيئية والثقافية، مع مراعاة التنوع الجندري. وكمثال على ذلك، أوضح أنه في جلسة صحنايا، تمّت دعوة مشاركين من الطوائف المسيحية والدرزية والإسماعيلية، إلى جانب أفراد من المجتمع المحلي والمجتمع الوافد، وهو النهج الذي تم اعتماده في جميع المحافظات.
وتُنفَّذ هذه الجلسات بالتعاون بين منظمة “مضمار” و”شبكة وصل”، فيما تستمر الحملة في تغطية مزيد من المناطق على مستوى الجمهورية العربية السورية، وفق طبيعة كل محافظة والسياقات الخاصة بها.
وبحسب خولاني، فإن مخرجات الجلسات سيتم مشاركتها مع الجهات المعنية فور الانتهاء من إعداد الورقة البحثية، مشيرًا إلى استعداده لتزويد نسخة منها بعد الانتهاء من العمل عليها.
وتُشكّل هذه المبادرات ركيزة أساسية في دعم وتعزيز السلم الأهلي في سوريا، خاصة في ظل التحديات المعقدة التي أفرزتها سنوات الحرب والانقسام المجتمعي. إذ تتيح المساحات الحوارية التي تنظمها المبادرات، مثل “الشعب السوري واحد” و”مضافة السوريين”، فرصة حقيقية لمختلف مكونات المجتمع السوري للتعبير عن مخاوفهم وتصوراتهم، وبناء تفاهمات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. كما أن اعتماد منهجية تحليل السياقات المحلية وإشراك المجتمعات المتنوعة في صياغة الحلول، يعزّز فرص الوصول إلى تدخلات فعالة ومستدامة تُسهم في إعادة ترميم النسيج المجتمعي وتثبيت الاستقرار في البلاد.