تفشى مرض السرطان في المنطقة الشرقية، وخاصة في مدينة القامشلي، وسط تزايد الأعباء المالية على ذوي المرضى، وعدم تمكنهم من الحصول على الجرعات العلاجية من مشافي دمشق منذ سقوط النظام في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مما فاقم معاناتهم الصحية والمالية بشكل كبير.
معاناة المرضى: رحلة شاقة بحثاً عن العلاج
تحدث عدد من المرضى لـ”سوريا 24” عن معاناتهم اليومية مع المرض في ظل غياب الدعم الطبي المناسب.
قال أحد المرضى: “تركنا العلاج في دمشق بسبب ارتفاع تكاليف النقل، حيث تبلغ كلفة السفر من القامشلي إلى دمشق بين 150 و200 ألف ليرة سورية، بالإضافة إلى نفقات الإقامة في مشافي البيروني وابن النفيس، مما دفعنا للتوجه نحو الأطباء الخاصين رغم كلفة الجرعة الباهظة التي تصل إلى مليون ليرة”.
وأضاف آخر: “مع توقف المشافي الحكومية عن تقديم الجرعات، اضطررنا لشراء الأدوية من إقليم كردستان العراق أو دول الخليج، رغم التكاليف المرتفعة”.
خلفية: ارتفاع أعداد المصابين وغياب الخدمات
تفتقر مناطق شمال شرق سوريا إلى مراكز متخصصة بتشخيص ومعالجة الأورام، ما يضطر المرضى للسفر خارج مناطقهم بحثاً عن العلاج.
وكشف الأكاديمي فريد سعدون، في تصريحات إعلامية سابقة، أن السرطان ينتشر بشكل مرعب في عموم شمال شرق سوريا، مشيراً إلى أنه لا تكاد تخلو عائلة من وجود مصاب بالمرض. وأوضح أن التلوث البيئي الناتج عن التكرير العشوائي للنفط، وانبعاث الغازات المسرطنة مثل النفثالين، وتسرب المعادن الثقيلة إلى التربة، ساهمت جميعها في تفشي المرض، إلى جانب شائعات عن دفن نفايات نووية في بعض المناطق، لافتاً إلى أن أعداد المصابين بازدياد مستمر بين مختلف الفئات.
رأي الأطباء: تلوث بيئي وعلاجات محدودة
يؤكد الدكتور دانيش محمو حاج إبراهيم، المختص بأمراض الدم والأورام، أن “السرطان لا يرتبط بسبب واحد فقط، بل يتأثر بعدة عوامل أبرزها التلوث البيئي الناتج عن عوادم السيارات وحراقات المازوت البدائية، إضافة إلى العوامل الوراثية”.
وأشار إلى أن “بعض العادات الطبية، مثل الاستخدام العشوائي لحبوب موانع الحمل، قد تزيد من احتمالية الإصابة بسرطانات الثدي والمبيض بسبب تأثيرها على الهرمونات”.
وحول واقع التشخيص والعلاج في المنطقة، أوضح د. حاج إبراهيم أن “تشخيص السرطان يتم عبر الخزعات التي تؤخذ في القامشلي، لكن التحاليل المتقدمة مثل الفحوصات المناعية وصور السكان تتطلب نقل العينات إلى دمشق”.
وأضاف: “المعالجة الكيميائية متوفرة جزئياً محلياً، لكن المعالجات المناعية نادرة ومكلفة، إذ تصل كلفة الجرعة إلى نحو ألفي دولار. أما المعالجة الشعاعية فهي غير موجودة، ما يضطر المرضى للسفر إما إلى دمشق أو إلى الخارج”.
أرقام صادمة: ارتفاع الوفيات وانتشار الأدوية المهربة
بحسب تقديرات طبية، فإن 70% من حالات السرطان في سوريا تصل إلى مراحل متأخرة من المرض.
وفي تقرير سابق للوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، تبين أن سوريا تحتل المرتبة الخامسة بين دول غرب آسيا من حيث عدد الإصابات السرطانية، بمعدل 196 إصابة لكل 100 ألف شخص، مع تسجيل 105 حالات وفاة لكل 100 ألف مريض.