في قصة غريبة من نوعها، وبعد انتشار خبر اغتياله، تبيّن أن السلطات الأوكرانية “اختلقت” قصة موت صحفي روسي مناهض للكرملين في كييف.
وظهر المراسل الحربي أركادي بابتشينكو البالغ من العمر 41 عاماً، خلال مؤتمر صحافي في كييف بعد أقل من 24 ساعة من إعلان السلطات أنه تعرض لإطلاق نار في المبنى الذي توجد فيه شقته في عملية قتل مدبرة. وكانت الشرطة الأوكرانية قد أوضحت أمس أن بابتشينكو توفي متأثراً بجراحه في سيارة إسعاف بعدما عثرت عليه زوجته غارقاً في دمائه في منزلهما.
وأوضح بابتشينكو، الذي تلقى مراراً تهديدات بالقتل بسبب تقاريره، أنه شارك في “العملية الخاصة” للمساعدة في القبض على المدبر المفترض “لمؤامرة حقيقية لقتله”.
وقد أسفر الإعلان “الزائف” عن مقتل الصحفي عن حرب كلامية بين أوكرانيا وروسيا وأثار مشاعر قلق وتوجس في الأوساط الصحفية بالبلدين.
وأشار رئيس جهاز الأمن الأوكراني فاسيل غريتساك إلى أن بابتشينكو كان جزءاً من عملية خاصة لقوات الأمن الأوكرانية، والتي نجحت في إبطال “الجريمة المخزية” التي كانت تنوي المخابرات الروسية ارتكابها.
وفي هذا السياق قال بابتشينكو وهو يغالب دموعه “أود أن أعتذر عما حدث لكم جميعاً بسببي… أعتذر ولكن لم يكن هناك سبيل آخر لذلك. كما أود الاعتذار لزوجتي على الجحيم الذي مرت به”.
ووجه بابتشينكو الشكر لجهاز أمن الدولة الأوكراني على إنقاذ حياته قائلاً إن أهم شيء كان النجاح في إجهاض عمليات إرهابية كبرى.
بدوره، أكدّ فاسيل غريتساك أن القصة المختلقة أحبطت “مؤامرة” وسمحت لضباطه “بتوثيق كيفية قيام جهاز الأمن الروسي بالتخطيط لهذه الجريمة”.
والقاتل هو مواطن أوكراني، من قدامى المحاربين في الدونباس، وقد تم تجنيده من قبل أحد أصدقائه مقابل مبلغ 40 ألف دولار. وورد أن الرجل وافق على التعاون مع الشرطة، ويتمتع حالياً بمكانة الشهود، حسبما قال رئيس جهاز الأمن، فاسييل غريتساك.
وتمّ اعتقال ممول العملية في كييف يوم أمس الأربعاء، وهو أيضاً مواطن أوكراني وجندي سابق، وذلك بفضل كمين كانت قد نصبته السلطات الأوكرانية. حيث تبين أنه هو من كان على اتصال مع المخابرات الروسية، وفقاً للجانب الأوكراني. وقال غريتساك “نحن نواصل تحقيقنا وقمنا بإجراء عدة عمليات بحث.”
لكن منظمة “مراسلون بلا حدود” أدانت اختلاق عملية قتل الصحافي. وقال كريستوف ديلوار، رئيس المنظمة المدافعة عن حرية الإعلام في باريس، إنه بينما يشعر بالارتياح لأن أركادي بابتشينكو على قيد الحياة، فإنه “من المثير للشفقة والمؤسف أن الشرطة الأوكرانية تلاعبت بالحقيقة، أيا كان دافعها… من أجل خدعة”.
وأصرّ ديلوار على أن الاختلاق المزيف “لن يساعد قضية حرية الصحافة. كل ما يتطلبه الأمر هو حالة كهذه للتشكيك بكل الاغتيالات السياسية الأخرى”، مشيراً إلى مقتل عدد من منتقدي الكرملين في أوكرانيا خلال السنوات الأخيرة. وأضاف أن “الدولة هي التي كذبت، حتى لو كانت كذبة قصيرة”.
وكان بابتشينكو، وهو جندي سابق في حرب الشيشان وأحد أشهر مراسلي الحرب في روسيا، قد غادر بلاده خوفاً على حياته لأنه قال إنه لم يحزن على ضحايا تحطم طائرة عسكرية روسية في 2016.
وفي تعقيب لوزارة الخارجية الروسية قالت إنها سعيدة بأن بابتشينكو لا يزال على قيد الحياة ولكن أوكرانيا استغلته في عمل دعائي.