صحفي لبناني لـ SY24: الإعلام اللبناني مسيّس.. والثورة كسرت هيبة الأسد

Facebook
WhatsApp
Telegram
الكاتب والصحفي اللبناني "جاد يتيم"

أحمد زكريا – SY24

يتعاطى الإعلام اللبناني بشيء من الحذر مع عدة ملفات تتعلق بالقضية السورية، وخاصة ملف اللاجئين السوريين في لبنان، وذلك عقب انطلاقة الثورة السورية، في حين انقسمت الصحف اللبنانية بين مؤيد للثورة السورية وبين معادٍ لنظام بشار الأسد.

موقع سوريا 24″ التقى بالكاتب والصحفي اللبناني “جاد يتيم” للحديث عن دور الإعلام اللبناني في دعم الثورة السورية، والمواقف السياسية اللبنانية المتزامنة مع التجييش الإعلامي ضد اللاجئ السوري في لبنان، إضافة لمحاور أخرى، وكان الحوار التالي:

الإعلام اللبناني مسيّس:

طرحنا على الصحفي “جاد يتيم” سؤالاً حول نظرته للإعلام اللبناني وطريقة تفاعله مع القضية السورية، فأجاب: “الاعلام اللبناني هو إعلام مسيّس، وبالتالي تعامله مع الثورة السورية منذ البداية تحديدًا هو تعامل اتسم بالموقف السياسي الأساسي إما للصحيفة نفسها وما تعرف به، أو للطرف السياسي القريبة منه أو الممولة من قبله وبالتالي انقسمت الصحف بين مؤيد للثورة كجزء من وامتداد للثورة اللبنانية عام 2005، والخط السياسي الذي هو معادي أساسًا للديكتاتوريات ولبشار الأسد ولحافظ الأسد وللنظام السوري، وهذا الخط يعتبر أن تواجد السوري في لبنان هو كان احتلال، وهذه بمعظمها قوى مسيحية وإسلامية يعني كل قوى 14 أذار، فكل الإعلام كان مع الثورة السورية”.

وتابع: “مع الوقت ومع تزايد فوبيا اللاجئين السوريين في لبنان، أصبح هذا الإعلام حتى برغم تأييده للثورة السورية ينظر بعين الحذر إلى اللاجئين وقضية التوطين، ولكن بشكل عام وعلى رغم الانقسام في الصحافة اللبنانية التي تعكس بدورها وجهات النظر السياسية داخل لبنان، فإنها بمعظمها الغالب انحازت للثورة السورية كما انحازت لباقي الثورات العربي”.

ملف اللاجئين السوريين “شائكٌ” جدًا:

وعن رأيه بقضية اللاجئين السوريين في لبنان، قال “يتيم”: إن “ملف اللاجئين السوريين في لبنان أو ما تطلق عليهم لبنان بالنازحين حسب خطابها الرسمي كون لبنان غير موقعة على اتفاقية اللجوء سنة 1951، هو ملف شائك جدًا، مرجعًا ذلك لعدة أسباب من أبرزها أن المسؤول عن هذا الملف هو حكومة “نجيب ميقاتي” والمعروفة في لبنان بحكومة “القمصان السود” التي كان يسيطر عليها “حزب الله”، والتي أنكرت في بداية الأمر وجود ثورة في سورية وأنكرت وجود لاجئين وكانت رافضة لدخولهم ورافضة حتى لإقامة مخيمات خاصة لهم”.

وأضاف، أنه حينما شعرت الدولة اللبنانية بأزمة اللجوء وكان العدد وصل لحدود 500 ألف لاجئ، بدأ اللبنانيون أنفسهم باحتضان السوريين وثورتهم في الجوامع والمدارس وفي بيوتهم، لأن الاعتقاد السائد مثل باقي الثورات العربية بأن القصة تحتاج لشهرين أو ثلاثة ويسقط النظام أو يتغير ويكون هناك حل سياسي، ولكن لم يكن أحد يصدق أن الأسد وشبيحته سيكونون أوفياء لشعار “الأسد أو نحرق البلد”.

وذكر الصحفي اللبناني، أن “التجييش ضد اللاجئ السوري له عدة أسباب، أولها المقارنة مع اللجوء الفلسطيني والذي تحول إلى لجوء دائم، والخوف أن هذه الكتلة هي كتلة سنية كبيرة وسط الجدل الديمغرافي في لبنان والخلل في هذا التوازن الديمغرافي بين السني والشيعي والمسيحي، فكلها عوامل تدخل في هذا الإطار، إلا أن الطرف الأكثر الذي يجيش ضد هذا الملف هو من طرف الحزب الذي يرأسه وزير الخارجية “جبران باسيل” وهو “التيار الوطني الحر”، الذي ينطلق من قصص ضيقة وقصص طائفية”.

وتابع قائلاً: “كما أن كل الأطراف السياسية، أصبحت تستغل السوريين إما من خلال الدعوة لإقامة مؤتمرات دولية لجلب الدعم، وإما من خلال رمي كل المادة السياسية والخلاف السياسي عليهم، فأصبح اللبناني إذا اشتكى من نقص الماء والكهرباء، فتخبره الأطراف السياسية أن ذلك بسبب اللجوء السوري، مع العلم أن هذه الأزمات موجودة من قبل”.

القانون رقم 10 وموقف لبنان منه:

وفي رد منه على سؤال حول القانون رقم 10 الذي أصدره رأس النظام بشار الأسد، أجاب “يتيم”: إن “المرسوم رقم 10 يذكرني بقانون أملاك الغائبين الذي أصدرته الدولة العبرية الإسرائيلية، والذي اعتبرت من خلاله أنه يحق لها مصادرة كل أملاك الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من أرضهم، وبالتالي فإن هذا القانون زاد من الضغط على الوجود السوري في لبنان، واعتبر من ينادي برحيل السوريين أنه سبب إضافي يؤكد مخاوفهم بأنه هناك اتجاه لشيء لا يقدر عليه لبنان وهو التوطين”.

منح الجنسية اللبنانية لشخصيات مقربة من النظام:
وسألنا الصحفي “يتيم” عن القضية التي تطفو على سطح الأحداث في لبنان وهو ملف تجنيس عدد من الشخصيات التابعة لنظام الأسد، فقال: إنه “بالنسبة لمرسوم التجنيس الذي سرب تحت جنح الظلام، والذي تم كشفه من قبل بعض ناشطين وتم التفاعل معه كثيرًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنه بإمكاننا القول إن هذا الأمر أثار ردة فعل سلبية، وتم اعتباره جزء من قضية “التوطين”، وهناك من انتقد إعطاء الجنسية اللبنانية لشخصيات مقربة من نظام الأسد من أجل مساعدتها على التهرب من العقوبات وتحويل الأموال، حتى وصل الأمر إلى الشك بأن الأمر تم عبر “صفقة”.

وأضاف، أنه “بسبب ردة الفعل السلبية تجاه قرار التجنيس هذا، ما أجبر الطبقة السياسية للتريث به، معربًا عن اعتقاده بأن الأمر لن يطبق وبالتالي أعيد الملف للأمن العام لدراسة الأسماء، مشيرًا إلى أن الملف دخل بمرحلة ما أسماها “الجمود”.

الانتخابات اللبنانية وإعادة رموز النظام:

وتطرقنا في حديثنا مع الصحفي اللبناني لموضوع الانتخابات اللبنانية الجديدة، وسيطرة حزب الله على غالبية مقاعد البرلمان، وقال: “بالنسبة لحزب الله كان مسيطراً على مجلس النواب والقرار السياسي بحكم السلاح غير الشرعي، ولم يكن بحاجة لغالبية برلمانية، ولكن أبرز ما صنعته الانتخابات اللبنانية الجديدة أنها أعادت رموز الوصاية السورية ورموز الاحتلال السوري، فهناك شخصيات مثل “جميل السيد” والذي كان رئيس جهاز الأمن العام والذي كان الذراع اللبناني للجهاز الأمني السوري، بالإضافة لشخصيات أخرى من أمثال “ايلي فرزلي، و عبد الرحيم مراد” في البقاع، و وهي شخصيات محسوبة على نظام الأسد وتجاهر بتأييدها لبشار، وكلها شخصيات عادت لمجلس النواب وبالتالي أصبح حزب الله مع حلفائه يملكون غالبية مريحة، علمًا أن هذه الرموز لم تكن تجرؤ أن تترشح في عام 2005 أو عام 2009، إلا أنها اليوم استطاعت أخذ مقاعد برلمانية، معتبرًا أن هذا أمر مستفز شكليًا، أما بالمضمون فحزب الله بإمكانه وبوجود هذه الغالبية أن يفرض قوانين جديدة وغيرها من الأمور على الدولة اللبنانية”.

الثورة كسرت هيبة النظام وأجهزته الأمنية:

وختمنا حديثنا مع “جاد يتيم” بسؤاله عن نظرته للثورة السورية بعد كل تلك السنوات من انطلاقتها، وأجاب: إنه “بعد سبع سنوات لم أجد أوفى من شعار (الأسد أو نحرق البلد)، وتبدو سورية اليوم أكبر من سورية واحدة، فهناك سورية مدمرة بالكامل حجرًا وبشرًا، وسورية أخرى وكأنها قبل العام 2011”.

ويرى الصحفي اللبناني أن “سوريا حاليًا للأسف تم إخماد الثورة المسلحة في معظم المناطق فيها وتبقى إدلب فقط، ومنذ أن سقطت مدينة حلب بصفقة في كانون الأول/ ديسمبر 2016، فإن قرار التحكم بالأمور في سوريا خرج من يد القوى المحلية بشكل كبير، وبات الأمر مجرد اتفاقات بين القوى الإقليمية والدولية”.

ولا تبدو الأزمة الحالية، – من وجهة نظره – في طور أفق ما كونه لا يوجد شيء واضح لإرساء حل سياسي، فبدون حل سياسي وبدون تغيير شكل النظام، لا يوجد حل ولا يوجد عودة للاجئين وهذا الأساس.

وأكد “يتيم” في ختام حديثه أنه “مهما تغيرت الأمور ومهما ضعفت الصورة، فهناك شيء كسرته الثورة وهو كسر هيبة النظام وكسر هيبة الديكتاتور وأجهزته الأمنية، وهذا ما فعلته الثورة السورية، وبالتالي مهما حصل لا عودة بالتأكيد لما قبل عام أذار 2011، وبالتالي أي حل سياسي يتخطى هذه الأمور وهذا الحاجز لن يكتب له النجاح، ومن هنا ومع حد نفوذ ايران وحزب الله في سوريا ويقابله حد نفوذ النصرة والقاعدة في سوريا، وبالتالي إذا تحققت تلك الخطوات الكبيرة فإننا سنذهب لحل سياسي بسوريا مقبول بالحد الأدنى، ولكنه حل لا يشبه أهداف الثورة الأولى التي خرجت في سوريا منذ بداياتها.

مقالات ذات صلة