أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد أن الولايات المتحدة وجنودها موجودون في سوريا ليس فقط للقضاء على داعش بل لمواجهة النفوذ الإيراني أيضاً.
ربما تكون هذه المرة الأولى التي تعلن فيها واشنطن صراحةً أن مواجهة إيران جزء من سياستها ومن مهمتها في سوريا، فقد أشار ساترفيلد خلال إجابته على سؤال حول إمكانية انسحاب القوات الأميركية من سوريا بالقول لأحد أعضاء اللجنة الفرعية في مجلس النواب الأميركي “إن أي قرار بسحب القوات الأميركية من أي مكان في سوريا مرتبط بالقضاء على داعش وبتطبيق سياستنا لمواجهة إيران في المنطقة”.
الطريق الإيراني السريع
كان مسؤولون في الإدارة الأميركية أشاروا إلى هذا الأمر منذ عام، عندما كانت قوات سوريا الديموقراطية، بدعم من الأميركيين، تتقدّم باتجاه مدينة دير الزور، وقالوا حينها إنهم يضعون نصب أعينهم القضاء على داعش لكنهم يبقون أعينهم على الإيرانيين.
حينها ذكرت مصادر في المعارضة السورية نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن هدف إدارة دونالد ترامب هو قطع الطريق الإيراني السريع الذي يبدأ في إيران ويمرّ من بغداد ويصل إلى دمشق وبيروت.
ما أثار المخاوف من تراجع الأميركيين عن هدفهم، هو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن منذ أسابيع أنه يريد سحب القوات الأميركية قريباً ودعا فريق مجلس الأمن القومي إلى اجتماع لاتخاذ قرار بهذا الشأن، وتمّ تسريب أنباء عن أنه أصرّ على موقفه خلال الاجتماع وحذّر من أنه لا يريد العودة إلى مناقشة هذا الموضوع مرة أخرى خلال ستة أشهر.
لكن أشياء كثيرة حصلت خلال الأشهر والأسابيع الماضية، فقد وصلت قوات سوريا الديموقراطية إلى محيط دير الزور وهي تسيطر على المناطق شمال نهر الفرات، وهي على مسافة قصيرة من الطريق الدولي الذي يصل العاصمتين العراقية والسورية كما بدأت واشنطن التحدث بشكل واضح عن مواجهة النفوذ الإيراني.
“أن نراهم يغادرون”
ساترفيلد أشار بوضوح خلال جلسة الاستماع إلى أن هدف الولايات المتحدة “هو أن نراهم يغادرون كل سوريا وليس فقط المنطقة الجنوبية الغربية”.
كان ساترفيلد يجيب على سؤال بشأن تراجع القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من مناطق قريبة من الجولان، وربما يعني ذلك بقاء القوات الأميركية لفترة طويلة في سوريا، وأيضاً محاولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصّل الى اتفاق حول هذه القضية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة محتملة خلال الأسابيع المقبلة.
من اللافت أيضاً أن إضافة الإدارة الأميركية لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا يأتي بعد أسابيع من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني. لكنها في الحقيقة تنظر إلى الاتفاق النووي على أنه جزء فقط من المشكلة الإيرانية. فالرئيس الأميركي وإدارته يعتبرون بعد مراجعة السياسة الأميركية تجاه إيران، أنه يجب مواجهة الأوجه المختلفة للمشكلة الايرانية، ومنها التدخّل في شؤون الدول العربية، ومدّ الميليشيات الموالية لها بالسلاح، ورعاية الإرهاب، وقد بدأت الإدارة الأميركية بالفعل فرض عقوبات على إيران لإضعاف قدراتها على تمويل هذه النشاطات التي تزعزع الأمن والاستقرار في الدول العربية.
ويعتبر معارضو الإدارة الأميركية والرئيس ترامب أن انسحابه من الاتفاق النووي كان خطأ، ومع ذلك أشار غوردون جراي وهو سفير سابق والمدير التنفيذي لـ”مركز التقدم الأميركي” أن مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا تحتّم على الولايات المتحدة الإبقاء على الجنود الأميركيين في سوريا وعددهم يصل إلى 2000 جندي.
من الضرورة الإشارة أيضاً إلى أن الإدارة الأميركية لا تريد أن تواجه إيران وحدها أو أن تتحمّل منفردة جهود عودة الاستقرار في سوريا، لذلك تتحدث الإدارة الأميركية إلى الأطراف الإقليميين مثل الدول العربية وتركيا لضمان مساهمتهم في سوريا.