الشعر لدى الشاعر “فوّاز القادري” هو حالة من استحضار عوالم مختلفة في لحظة واحدة، استحضار محمول على لغة جميلة، يدفعنا لاكتشاف الإنسان والحلم والوطن والطبيعة، ولأنّ لكل المفردات السابقة فضاءات تتدفق منها ألوان تتسرب إلى قيعان مخيلاتنا، فنصاب بدهشة اللغة، وعبق الأمكنة، وروح الإنسان.
أسئلتنا في مكتب SY24 أرادت تحريض روح الشاعر “فوّاز القادري” على البوح الجليل وغير الممكن.
الحرية قيمة عليا:
الشاعر فوّاز القادري شاعر سوري متمرد على اللغة والسائد الاجتماعي والقهر السياسي، أردنا أن نتلمس كيف انعكس السائد الأوربي بعد اغترابه، وكيف ظهر في قصائده فأجاب: لا شكّ أنّ للأمكنة الجديدة تأثير على الإنسان فكيف لا يكون لها تأثير على المبدع؟.
وهناك فارق حضاري بين مجتمعنا والمجتمعات الغربية، والذي يجمعك بالآخر شرط أن يتاح لك الدخول في عمقه، والتواصل مع حالاته الانسانية الجميلة، ولا تبقى تنظر إليه من الخارج، ولا ترى سوى العيوب الطافية على السطح.
ويضيف الشاعر “فوّاز”: الإنسان الحقيقي هو الذي يبحث عن ما هو مشترك مع الآخرين، بغض النظر عن الدين والهوية والمكان، وهذا ما لمسته وعشته مع الكثير من الأصدقاء الألمان، لذلك يمكنني القول أن المبدع لا يستطيع الذهاب بعيداً عن روح مجتمعه، خصوصاً الروح الشعبية المتمردة، والمعارف التي صاغته وكونته على مبدأ حرية الإنسان، فالحرية قيمة عليا شرط أن نعيشها على جميع المستويات ولا نقولها كلاماً فقط، ولا نتنازل عنها إذا ما تغيّرت الشروط والظروف، فالنظام ألغى السياسة وألغى الثقافة، وطوّق الشعب بسلاسل الخنوع وجيش المخبرين وأجهزة أمنية صاحبة سلطة مطلقة، لكن الثورة أتت وكنست كلّ شيء.
الثورة أحيت الشعر والشعراء:
قلنا للشاعر “فوّاز القادري”: أنت شاعر يكتب عن الإنسان والمدن والأشياء فأين حدود الأمل لديك بأن تصل الثورة إلى بعض ضفافها، فأجاب: أعادت الثورة الحياة إلى الشاعر والشعر، وكنت رغم البعد لصيقاً بها إلى درجة أنني لم أتوقف عن الكتابة منذ أيام الثورة الأولى، كتبت عدداً من الكتب، والمهم في هذه الكتابة هو النوع وليس الكمّ، فرغم بعدي عن سورية لم يختلف حلمي القديم، الذي سقاه شعبنا بالجهد والتحمل والمعاناة، وبالكثير من الشهداء وقهر السجون، وحلمي لم يكن مختلفاً عن حلم شعبي السوري، حلم الحرية والخلاص من هذه الطغمة الحاكمة، أنا لم أتوقف يوماً عن الحلم بالثورة.
ويتابع الشاعر “القادري” فيقول: الشاعر المبدع الحقيقي يمنح كتابته قيمتها الجمالية والفنية ويستطيع أن يميّز بين الشعر والوجع، وبين الفن وجماليات الكتابة، بين الصراخ والخطابة، الشاعر دائم التعامل مع محيطه وما يحدث فيه، وهو يتعلم من الحياة والتجارب.
الثورة قتلت الرقيب وحرّرت النص:
وعن سؤالنا حول علاقة الشعر السوري بالإنسان السوري، وحدود الخوف والرعب، وحضور الرقيب لحظة ولادة القصيدة في زمن الثورة يجيب الشاعر “فوّاز”: الرقيب لم يعد صالحاً للتداول، لأنه تحوّل إلى آلة للقتل والتدمير والتصفية داخل المعتقلات، في وقت تحرّر فيه أغلب الشعراء من الرقابة بعد الثورة، لقد وقف أغلب الشعراء والمبدعين مع الثورة، وأستطيع القول أن ما قرأته من شعر في فترة الثورة، كان فيه مستويات مختلفة من الجودة الابداعية، وهناك نصوص ذات سوية فنية عالية، وهي من سيبقى، أما العادي والبسيط فهو سيندثر.
زحام وطني في قصيدتي:
وعن حضور المكان والجغرافية ورائحة الفرات سألنا الشاعر “فوّاز القادري” عما تبقّى منه لديه بعد اغترابه، فأجاب: كل ما ذكرتَ والكثير من الذي لم تذكره لم يفارقني أبداً، في القصيدة هناك زحام في مكونات الفرات وعوالمه، والأمكنة، والإنسان، سورية على العموم كانت تحتلني من أصغر خليةٍ إلى أكبرها، لم أستطع أن أشفى منها وأكون طبيعياً إلا مؤخراً حتى أحاول أن أحبّ البلاد التي عشت فيها كل هذا الزمن، وهي تستحق أن يُعاش فيها وأن تُحبَّ .
صدر للشاعر:
1- وعول الدم
2- بصمات جديدة لأصابع المطر
3- لا يكفي الذي يكفي
4- لم تأت الطيور كما وعدت
5- نهر بضفة واحدة
6- في الهواء الطلق… إضافة إلى ستة كتب أخرى