لا تزال قوائم الموت التي يصدرها النظام السوري، في الآونة الأخيرة، تحصد مزيدا من المعتقلين في سجونه، وعرف في هذا السياق أن المعارض السوري مازن دباغ، وابنه باتريك، قد أعلن عن وفاتهما في سجون النظام، أخيراً.
واعتقلت الاستخبارات الجوية التابعة للنظام السوري الفرنسيين من أصل سوري، مازن دباغ وابنه باتريك، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2013، بعد انخراطهما في تظاهرة سلمية مطالبة برحيل النظام السوري.
ويشار إلى أن مازن وابنه بارتيك، قد اختفت أخبارهما منذ تاريخ اعتقالهما لدى الاستخبارات الجوية.
وكان مازن دباغ، وقت اعتقاله، يعمل مستشاراً تعليميا في المدرسة الفرنسية، في العاصمة السورية دمشق.
وورد في تقارير إخبارية عديدة، منها ما ذكرته صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، بتاريخ 12 من الشهر الجاري، أن النظام السوري أصدر، في الأيام الماضية، وثيقتين بـ “وفاة” مازن دباغ وابنه باتريك.
وأقر النظام السوري فيما ورد في الوثيقتين، بأن مازن دباغ توفي بتاريخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2017، فيما قالت وثيقة الوفاة الثانية، إن ابنه باتريك توفي بتاريخ 21 كانون الثاني/ يناير عام 2014، أي بعد اعتقاله بأسابيع معدودة.
القضاء الفرنسي فتح تحقيقاً باختفاء مازن وابنه في سوريا
وسبق للقضاء الفرنسي النظر بشكوى ضد نظام الأسد، عام 2016، تطالب بالكشف عن مصير مازن دباغ وابنه، بعدما قام باعتقالهما عام 2013، باعتبارهما مختفيين قسرياً في سجونه.
وبعد أن شرعت النيابة العامة الفرنسية، بتحقيق أولي في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، عام 2015، قررت نيابة العاصمة الفرنسية، باريس، في خريف عام 2016، البدء بتحقيق شامل واستقصائي يقوده ثلاثة قضاة متخصصين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، عن اختفاء مواطنين سوريين حاصلين على الجنسية الفرنسية، بعد اعتقالهما في سوريا، هما مازن دباغ وابنه باتريك.
وعمد النظام السوري، منذ أوائل العام الجاري، إلى تعديلات سرية غير معلنة، في دوائر السجل المدني، تفيد بـ “وفاة” معتقلين لديه، دون أن يتم إعلام ذويهم بالأمر متجنباً مواجهتهم مباشرة بحقيقة وفاتهم تعذيباً في سجونه، خاصة أنه يقوم بتسجيل واقعة “الوفاة” بتواريخ قديمة، بعضها يعود لسنوات سابقة، فيما أهل المعتقل كانوا يعيشون على أمل الإفراج عن ابنهم، وتفاجأوا بالمصادفة، إثر زيارة لمقر السجلات المدنية، بأن أبناءهم أصبحوا في عداد المتوفين.
أظهروه معترفاً بجريمة ثم أعلنوا وفاته المفاجئة!
وكان النظام السوري قد أعلن منذ أيام، “وفاة” وافد أبو ترابي، المعتقل لديه منذ عام 2015، كان قد اتهمه بقتل الزعيم الدرزي المعارض، وحيد البلعوس، والذي قضى إثر تفجير في محافظة السويداء، عام 2015. وأيضاً من خلال تعديل سرّي في السجلات المدنية، حيث فوجئ أهل المتوفى بأن وفاته حدثت عام 2016، دون أن يوضح سبب التأخير الكبير بإعلان وفاته.
واتهمت مصادر من داخل محافظة السويداء، النظام السوري بقتل وافد أبو ترابي، بعدما أظهره على شاشته الفضائية معترفاً بالمساهمة بقتل الزعيم الدرزي المعارض وحيد البلعوس، وقالت إن ما قاله أبو ترابي، على شاشة النظام، هو “اعترافات مفبركة” لينقذ نظام الأسد نفسه من تهمة اغتيال المعارض الدرزي، والذي كان أسس حركة رجال الكرامة شديدة المعارضة لبشار الأسد.
مسلخ بشري
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان والتي أكدت وجود 82 ألف مختف قسرياً في سجون النظام، قد أصدرت تقريرا مفصلاً في 13 من الشهر الماضي، يوثق قيام النظام السوري بتسجيل معارضين مختفين قسرياً ومعتقلين في سجونه، على أنهم “متوفون” دون علم ذويهم، أصلاً، بواقعة الوفاة، والذين يكتشفون “فجأة” أن ابنهم المعتقل في سجون النظام، كان سبق له أن “توفي!” عندما يرون كلمة “متوفى” إلى جانب اسم ابنهم المعتقل.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد أكد مقتل قرابة 13 ألف معتقل معارض للنظام السوري تحت التعذيب، عام 2015، مؤكداً أنه استطاع توثيق مقتل 12751 معتقلاً منهم.
وأعلنت منظمة العفو الدولية، في تقرير لها في شهر فبراير عام 2017، أن النظام السوري قد قام بتنفيذ إعدامات جماعية بحق معارضين معتقلين في سجن صيدنايا، بلغ عددهم 13 ألف معتقل.
وقالت المنظمة في بيانها الذي نشر تحت عنوان: “مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا” إنه بين عامي 2011 و2015، كانت عمليات الإعدام شنقاً تنفذ بحق معارضي الأسد، مرتين أسبوعياً، بحسب تقريرها الذي أكدت فيه أن عمليات الشنق تتم ليلاً.
وأوضحت المنظمة أن معارضي الأسد المعتقلين في “صيدنايا” يبقون طيلة الوقت معصوبي الأعين، لينتهي بهم الأمر إلى مواجهة الموت شنقاً. على حد ما نقلته المنظمة في تقريرها الذي كان حصيلة مقابلات مع عشرات الشهود الذين كان من بينهم معتقلون سابقون وموظفون عسكريون سابقون.