تحركات عسكرية في محيط إدلب

Facebook
WhatsApp
Telegram

عنب بلدي – SY24

ازداد مشهد إدلب في الأيام الماضية تعقيدًا، فالاتفاق الموقع بين روسيا وتركيا في “سوتشي” بخصوص المحافظة لا يزال معلقًا، وزادت عليه الخروقات التي قام بها النظام السوري عن طريق القصف المدفعي والصاروخي المستمر على مناطق سيطرة المعارضة، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن مصير المنطقة، التي تشهد تحركات عسكرية من الداخل والخارج.

تركزت التحركات من الخارج باستقدام تعزيزات عسكرية من قبل قوات الأسد إلى الجبهات في ريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي، في خطوة عزتها شبكات موالية لبدء عملية عسكرية ردًا على الهجمات التي أعلنت عنها تشكيلات “جهادية”، منضوية في غرفة عمليات “وحرض المؤمنين”.

أما في الداخل، فتشهد إدلب تحركات أيضًا، لكن بشكل مختلف من قبل “هيئة تحرير الشام”، والتي استقدمت تعزيزات وحشود إلى محيط مدينة معرة النعمان في ريف إدلب ومنطقة دارة عزة بريف حلب، في خطوة لإكمال السيطرة على الأوتوستراد الدولي دمشق- حلب والمدرج ضمن بنود اتفاقية “سوتشي”، على أن يتم فتحه قبل نهاية العام الحالي.

القصف يومي

منذ توقيع اتفاق “سوتشي”، في أيلول الماضي، لم تتوقف قوات الأسد عن قصف مناطق المعارضة، وركزت بشكل أساسي على قرى وبلدات الريف الشرقي والجنوبي لإدلب، أبرزها مدينة جرجناز والتي نزح أكثر من 70% من سكانها وأعلنها المجلس المحلي منطقة “منكوبة”.

ورغم كونها أحد الأطراف الأساسية في الاتفاق لم تتحرك روسيا في منع النظام السوري، بل ساندته من خلال تهديدات وجهتها لفصائل المعارضة بالرد على أي هجمات من قبل من وصفتهم بـ “الإرهابيين”، وقال مسؤول روسي لوكالة “إنترفاكس” الروسية، في 28 من تشرين الثاني الماضي، “ستكون ردودنا قاسية، لكنها ستبقى ضمن إطار الاتفاق الموقع في سوتشي”.

وبموازاة القصف، تحدثت شبكات موالية عن وصول تعزيزات إلى ريف اللاذقية الشمالي من أجل بدء معركة ضد فصائل المعارضة.

وقال موقع “المصدر” الموالي، الجمعة 30 من تشرين الثاني، إن “الفرقة الرابعة” تلقت أوامر بإعادة الانتشار في الريف الشمالي لمحافظة اللاذقية، على أن تقود عملية جديدة في الأيام المقبلة تستهدف مناطق “هيئة تحرير الشام” و”الحزب التركستاني”.

وعرض الموقع صورة للقيادي في “الفرقة الرابعة”، غياث دلا في أثناء وصوله إلى ريف اللاذقية، وأضاف أن العملية العسكرية من المقرر أن تستهدف منطقة كبانة “الاستراتيجية” التي تقع على قمة جبل، وتعتبر من أبرز المعاقل لفصائل المعارضة.

ولم تتوقف فصائل إدلب عن تخريج مقاتلين من معسكراتها في الأيام الماضية، كما اتجهت “تحرير الشام” إلى القيام بمناورات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وفي حديث سابق مع مصدر في “الجيش الحر” قال إن تخريج الدفعات العسكرية من جانب الفصائل يعطي إشارة إلى الاستعداد المستمر لأي عمل عسكري قد يقوم به النظام السوري.

“تحرير الشام” تتطلع إلى الأوتوستراد

بعيدًا عن جبهات النظام السوري تشهد المناطق المحيطة بالأوتوستراد الدولي دمشق- حلب والمار من محافظة إدلب استنفارًا عسكريًا، بدأته “تحرير الشام” باستقدام حشود إلى محيط مدينة معرة النعمان ودارة عزة بريف حلب الغربي.

وقال مصدر من “الجيش الحر” لعنب بلدي إن “تحرير الشام” تسعى لإكمال سيطرتها على الأوتوستراد الدولي بتوجيه أنظارها إلى مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، والتي تعتبر المنطقة الوحيدة الخارجة عن سيطرتها في منطقة الأوتوستراد.

وأضاف المصدر (طلب عدم ذكر اسمه) أن حشودًا استقدمتها “تحرير الشام”، في الأيام الماضية، إلى محيط المعرة ومدينة دارة عزة بريف حلب الغربي، وكرد فعل تعاملت “حركة أحرار الشام الإسلامية” و”حركة نور الدين الزنكي” بالمثل.

عضو المكتب الإعلامي لـ “الجبهة الوطنية للتحرير”، محمد أديب، قال إن “وحدات الرصد والاستطلاع والفرق الأمنية رصدت تحركات لتحرير الشام باستقدام تعزيزات إلى المنطقة، الأمر الذي دفع إلى اتخاذ إجراءات مناسبة والاستعداد لأي طارئ”.

وأضاف أديب لعنب بلدي، “بحسب تجارب الجبهة الوطنية فإن التحركات المرتبطة بتحرير الشام تنم عن تحضير هجوم أو القيام بشيء مريب”.

تركيا تخاطب الأهالي

بالتزامن مع القصف من جانب قوات الأسد والتحركات الداخلية في إدلب من قبل الفصائل العسكرية، وجهت نقاط المراقبة التركية المنتشرة في إدلب خطابًا للمدنيين القاطنين في المحافظة، أعطت فيه تطمينات بخصوص اتفاق “سوتشي” الموقع مع روسيا.

وجاء في الخطاب الذي حصلت عليه عنب بلدي من قيادي في “الجيش الحر” كان باجتماع مع ضباط أتراك في نقطة شير المغار بريف حماة، أن “الشعب التركي والجيش التركي دائمًا معكم، وإن سلامة أرواحكم وممتلكاتكم مهمة جدًا لتركيا”.

وقالت تركيا في الخطاب، إن “خلق منطقة منزوعة السلاح سيجنب إدلب أي هجوم أو عملية عسكرية، وسيمكن من الحيلولة دون المخاطر أو اندلاع الاشتباكات في إدلب، وإن ادعاء عكس ذلك ما هو إلا سعي للتفرقة وزرع الفتنة”.

وقال القيادي الذي تحدثت معه عنب بلدي، وهو مسؤول في حاجز حماية لنقطة تركية، إن الضباط الأتراك في نقاط المراقبة طلبوا نشر الخطاب بشكل واسع ليصل إلى كل أهالي إدلب.

وبحسب الخطاب قالت تركيا، “سيكون هناك من يحاول المكر بكم والإيقاع بين الإخوة (…) لا تصدقوا الذين يسعون لبث أكاذيب وإشاعات وشن الحملات المسيئة”.

وأضافت، “بفضل جهودكم الداعمة لتنفيذ الاتفاق ومنع الاشتباكات وحقن الدماء ستعم الطمأنينة والاستقرار في المنطقة”.

وتشير جميع التطورات السابقة إلى أن اتفاق “سوتشي” لا يزال مهددًا بالانهيار، فبينما يحاول الجانب التركي تنفيذ وعوده بتطبيق البنود قبل نهاية العام الحالي يسعى النظام السوري لإعادة خلط الأوراق، معتمدًا بذلك على الموقف الروسي الذي لم يتغير تجاه المعارضة منذ التدخل العسكري في 2015 حتى اليوم.

وربما يتضح مشهد محافظة إدلب بشكل أكبر في القمة المقبلة التي تحدث عنها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين في “قمة العشرين”، والتي من المفترض أن تناقش ما تم تطبيقه والعوائق التي تعترض الاتفاق، وخاصةً “الجماعات المتشددة”.

مقالات ذات صلة