يتقن الطفل “حسين شاكر” البالغ من العمر 11عاماً، العمل في صناعة الألبسة الصوفية، ويعمل بها الطفل النازح من قرية “ترتياح” بريف اللاذقية الشمالي، في مخيم “شهداء سوريا” بريف إدلب الغربي.
وتؤمن هذه المهنة التي يعمل بها مصدر دخل يعيش منها أفراد أسرته منذ نزوحهم إلى المخيم قبل عامين، حيث يقوم حسين بصناعة مختلف أشكال الملابس والقبعات الصوفية والألعاب ويبيعها للنازحين في المخيمات، بعد أن بات مشهوراً بين سكان المخيمات بسبب إتقانه الشديد لعمله، حيث تزوره النساء بشكل دائم ويطلبن منه صناعة مختلف الفساتين والموديلات المتنوعة لأطفالهم.
وأكد الطفل “حسين“” لموقع SY24، أنه “تعلم مهنة الصوف حين كان عمره ستة سنوات من خلال النساء في القرية ومراقبته لهن أثناء العمل وكان الهدف الرئيسي من رغبته في التعلم هو مساعدة والدته، فقد توفي والده عندما كانت أمه حامل به ولديه خمسة أخوة هو أصغرهم”، مشيراً إلى أنهم “عاشوا حياة صعبة من شدة الفقر والحاجة وغياب أي معيل لهم أو مساعد لوالدته التي كانت تعجز عن العمل بسبب حاجة أبنائها لها وغياب فرص العمل”.
وتابع قائلاً: “أحب هذه المهنة والعمل بها بشكل كبير، وبدأت بمساعدة أمي منذ أن أتقنت العمل بشكل جيد، وأبيه القطع التي أقوم بصناعتها بأسعار مختلفة حسب صعوبة عملها والوقت الذي استهلكته في الصنع، فمثلاً سعر الفستان الصغير 2000ليرة سورية، لكن تكاليف صنعه تترتب عليه فهو من يقوم بشراء الصوف ويدفع ثمن الكرة 600 ليرة سورية، وسعر الصنارة 300 لكنه يحافظ على صنارته منذ أن بدأ العمل”.
وأضاف أن “القطعة تحتاج مني عمل لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، فضلاً عن ذهابي بين الفترة والأخرى إلى المحلات التجارية لشراء الصوف”، معتبراً أن “صنع القطعة يأخذ وقت طويل معه بسبب عدم تفرغه للعمل فهو ملتزم بدراسته أيضاً، ويحاول أن ينظم وقته بين العمل والدراسة، فأغلب عمله يكون في أيام العطلة وفي أوقات الدوام يعمل ساعتين فقط”، مشيراً إلى أنه “يحب الدراسة جداً وهو ملتزم بها فلقد حصل على درجة 97 من مئة في الفصل الأول”.
من جهتها قالت والدته، إنها “فخورة بالأعمال التي يصنعها حسين فهي تعتبره طفل ذكي جداً وسريع البديهة، فقد استطاع أن يطور عمله بشكل كبير خلال العامين الأخيرين ولايصعب عليه صنع أي رسمة، فبعض النساء يقمن بجلب صور له من الأنترنت ويطلبن صنع مثلها وهو يقوم بالتنفيذ، كما تعتبره سنداً لها رغم صغر سنه، فهو يعطيها المبالغ التي يحصل عليها من عمله لتصرف عليه وعلى أخوته، فضلاً عن ذلك فهو يساعدها بأعمال المنزل والترتيب وشراء مستلزماتها من الأسواق بالإضافة إلى تفوقه بدراسته”.
وأكدت والدة حسين، بأنه “لم يعش حياة مرفهة كباقي الأطفال بسبب الظروف الصعبة التي يمرون بها، وهو يعيش أكبر من عمره ويحمل هم أسرته رغم أنه أصغر طفل فيها، ويحاول تأمين مختلف حاجاتهم ويضاعف عمله عند الحاجة، كذلك يساعدها بالعناية بجدته التي تعيش معهم والبالغة من العمر حوالي تسعين عام”.
أما جارتهم “فريال أحمد” فقد قالت، إنها “تحب حسين جداً لأنه مهذب ومحترم وتصرفاته أكبر من عمره والجميع في المخيم يحترمه ويعامله بطريقة جيدة ويتحدثون عن تميزه وأخلاقه بشكل كبير، ويلعب مع الأطفال ولكن وقت قصير جداً، ولانراه كثيراً خارج خيمته”، معتبرةً أن “ظروف الحياة ظلمته منذ ولادته لكن هذا انعكس بشكل إيجابي عليه وحوله لطاقة استطاع من خلالها تحدي ظروفه، وتحول لطفل منتج وفاعل في المجتمع وله مكانة كبيرة ومميزة لدى الجميع بدلاً من الإنكسار والاستسلام”.
واختتمت حديثها، بأن “حسين يجب أن يكون قدوة بتربيته وأخلاقه ونشاطه لكافة الأطفال في المخيم الذين يقضون أوقاتهم باللعب واللهو فهو مبدع في كافة جوانب الحياة ومتفوق في دراسته”.
وتعتبر صناعة الصوف حرفة يدوية تنتشر في سوريا منذ القدم، ويعمل فيها الكثير من السوريات التي كانت تقتصر عليهن سابقاً، حيث كانت تقوم النساء بصناعة الملابس الصوفية لأطفالهن مع بداية فصل الشتاء.
[foogallery id=”2860″]