قَطعاً إنّها ليست الجنة، ربما تشبه شيئاً مما رسمناه في خيالنا عن الجنة لكن بصورة مختلفة.
لم تتمكن ظروف الحرب من إيقاف “عبدالكافي بركات” البالغ من العمر (34 عاماً) من مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، عن تطوير مشتله الذي ورثه عن أبيه منذ سنوات مضت، ونجح في إدخال أنواعاً مختلفة من المزروعات الهجينة من فواكه وأشجار مثمرة وأخرى حراجية وأنواعاً لا تحصى من الورود والزهور.
واستطاع الشاب “عبد الكافي” تطوير “مشتل الروضة”، حيث بان يحتوي على الآلاف من المزروعات الهجينة المختلفة (كالتين الأسباني القزم والزيتون الهجين والرمان والتوت بأنواع كثيرة والبرتقال والليمون واللوز والجوز وأشجار الزينة والورود وغيرها الكثير).
وقال “عبد الكافي” لـ SY24، “فكرت في تطوير المشتل الذي ورثته عن أبي، فجاءت إليّ فكرة المزروعات الهجينة، ثم أدخلت الزيتون الإسباني القزم والتوت بخمسة أنواع والحمضيات التي تتحمل البرودة ذات الحجم الصغير والثمار الكثيرة، وكان الزينون الهجين هو البداية”.
ويعتبر الزيتون الإسباني من أشهر تلك المزروعات، كونه صغير الحجم، وتكون ثماره بشكل عناقيد، حيث تعطي الشجرة الواحدة حوالي 100 كغ من الزيتون الذي يعطي بدوره قرابة 35 كغ من الزيت، كما يتميز الجوز بحمله لأكثر من موسمين في السنة بحبات قد يصل عددها إلى المئة حبة بنوعية جيدة وثمرة أكبر وقشرة رقيقة.
أشجار الموز والنخيل الثمري والكيوي والقشطة من الأشجار التي لا تعيش في مناطق ريف إدلب، لكنّ هذه الأنواع نفسها تعيش بقوة وتثمر في هذه المناطق عن قناعة تامة شرط أن تكون هجينة كما يقول عبد الكافي.
وللزهور والورود الهجينة تواجد جميل في هذا المشتل، فلربما لا تجد نوعاً منها إلا وقد تواجد في مشتل الروضة (الجوري بأنواعه وألوانه والتوليب والنجس والقرنقل و.. وأزهار أجنبية من كلّ صنف).
وحول هذا الموضوع قال المهندس الزراعي “حذيفة الخطيب”، “بالنسبة للمزروعات المهجّنة فهذا الأمر ليس جديداً، لكن بعد انطلاق الثورة وبسبب ظروف الحرب غابت هذه الأصناف، ومؤخراً ومنذ حوالي سنتين عاد بعض أصحاب المشاتل للاهتمام بهذه المزروعات”.
وتابع قائلاً: “أنا أشجّع هذه المزروعات فهي توفر مساحات كبيرة من الأراضي بسبب حجم الأشجار الهجينة الذي يقف عند حد معين ويبقى صغيراً، كما أن هذه الأصناف ذات إنتاج عالٍ ومبكر، تثمر معظمها في عامها الثالث وهي ثمار جيدة، تعطي أشجار الزيتون الهجين موسماً هائلاً من الزيت الذي يشبه كثيراً زيوت مناطق إدلب، ولكنّ هذه الثمار من الزيتون تكون للزيت فقط ولا يصلح ثمرها للأكل”.
وقد جلب استيراد المهجّن من الغراس للمنطقة أشجاراً كان من المستحيل غرسها وإنتاجها في سوريا، لو لم تكن هجينة (كالموز والنخيل وجوز الهند والكيوي والقشطة) بحسب الأستاذ “حذيفة”.
وعن سلبيات استيراد هذه المزروعات أكد “الخطيب” أن “السلبية الوحيدة في هذه المشاريع هي دخول المزروعات إلى البلد عبر أشخاص غير ثقة، حيث يتم أحياناً استيراد أصناف على أنّها إسبانية وفي غياب الرقابة وانتشار الغش يكتشف المزارع بعد فوات الأوان أنّ هذه المزروعات ليست إسبانية بل مشابهة لها وأقل منها جودة وموسماً، لكن للأسف تُكتشف بعد ثلاث سنوات من غرسها في الأرض”.
أما عن مصاعب هذا العمل، أكد “عبد الكافي” صاحب المشتل، أنه “يتم استيراد هذه المزروعات من أوروبا عبر تركيا ثم تصل إلينا، وكلّ هذه التكاليف تزيد من أسعار الغراس، إضافة إلى تكاليف المياه والوقود اللازم لتشغيل المولدات لضخ المياه، كلها تنعكس على ثمن الغراس لتكون مضاعفة عن أسعار الغراس العادية، تباع غرسة الزيتون الهجينة بحوالي 1500 ليرة، والحمضيات 800 – 1500، وسعر الجوز واللوز والقشطة المهجنات هو 1500، أمّا غراس الموز الهجين فيتراوح بين 2000 و3000، وسرو الزينة يبدأ سعره بـ 1000 وقد يصل حتى 6000 للأنواع النادرة، بينما تباع الورود والأزهار بأسعار مختلفة بحسب نوعها تبدأ من 150 لتصل حتى 2000 ليرة”.
يشار إلى أن عبد الكافي يفتخر بمشتله ولا يخشى المنافسة، كما يتمنى انتشار هذه المشاريع لتشمل جميع مناطق الشمال السوري.