على الرغم من محاولة النظام السوري وداعميه إقناع المهجرين والنازحين واللاجئين السوريين بالعودة إلى ديارهم بعد أن شردتهم آلة القتل الأسدية، إلا أن الأفعال على أرض الواقع تشي بعكس ذلك، وتثبت كم أن هذا النظام يحاول بيع الأوهام وهمه الأول والأخير الانتقام من كل من ثار في وجهه منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.
وفي آخر المستجدات، وحسب الأنباء التي تم تسريبها من مدينة دوما في الغوطة الشرقية، فإن حكومة النظام أصدرت في نهاية العام 2018، قراراً بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لما يقارب من 50 شخص من سكان تلك المدينة بينهم نساء، وحمل القرار المسرب رقم (3379).
وبحسب ناشطين من الغوطة الشرقية ممن تم تهجيرهم للشمال السوري وعلى معرفة بأسماء بعض الشخصيات الواردة في قرار الحجز، أكدوا لسوريا 24 أن من بين الأسماء شرعيين وقادة عسكريين من جيش الإسلام مع عائلاتهم.
وأضافت المصادر ذاتها أن من بين المحجوز على أموالهم أشخاص لا يزالون داخل الغوطة الشرقية ورغم ذلك طالهم الحجز دون أن يتم اعتقالهم، مؤكدين أن القسم الأكبر ممن طالهم قرار الحجز أشخاص يتبعون لجيش الإسلام مع زوجاتهم وأبنائهم.
ولا يعد قرار الحجز على ممتلكات سكان مناطق التسويات والمصالحات أو حتى التي استعاد النظام السوري السيطرة عليها مؤخرًا هو الأول من نوعه، بل سبقه عدد من قرارات الحجز على الممتلكات والتي لم يكن بإمكان سكان تلك المناطق تسريبها.
وبحسب صحيفة “جسر” السورية المستقلة، فقد أصدرت حكومة النظام في درعا، نهاية العام الفائت، قرارا بالحجز على الأملاك المنقولة وغير المنقولة للعديد من أهالي درعا الذين شاركوا في الثورة، لافتةً إلى أن الحجز طال بشكل خاص الأشخاص الذين شغلوا مناصب في المجالس المحلية أو كانوا من القيادات العسكرية أو من أعضاء الدفاع المدني أومن كوادر المشافي الميدانية.
أشخاص وردت أسماءهم في قرار الحجز يوضحون موقفهم
تمكنت منصة sy24 من التواصل مع بعض الأشخاص الواردة أسماءهم في قرار الحجز وهم من سكان مدينة دوما المهجرين للشمال السوري للتعليق على قرار الحجز المسرب، رافضين في الوقت ذاته الكشف عن هويتهم لأسباب أمنية تتعلق بوجود أقارب لهم داخل الغوطة الشرقية.
وقال أحدهم تعليقا على هذا الموضوع: “أنا أعمل كناشط إعلامي ولم أحمل السلاح طيلة فترة وجودي في مدينة دوما، وكنت أمارس عملي الإعلامي في مجال التصوير وتحرير الأخبار بكل مهنية ووفق ما نص عليه ميثاق الشرف الإعلامي كونني من الموقعين على هذا الميثاق برابطة الإعلاميين في الغوطة الشرقية”.
وأضاف، أن “هذا القرار هو وسيلة للضغط على المدنيين للعودة إلى حضن النظام أو سنخسر أموالنا وأملاكنا، ومن لا يرغب بالعودة ستصادر أملاكه وستتوزع على الموالين للنظام إن كانوا من الشيعة أو من أطراف أخرى من المؤيدين للنظام ضمن سياسة التغيير الديمغرافي، مشيرًا إلى أن هذا القرار يعني إما أن تكون مع الأسد أو تخسر البلد”.
وقال الشاهد ذاته، إنهم تقدموا بشكوى وتم رفعها للجهات الحقوقية المختصة، كما تم التواصل مع جهات حقوقية دولية معنية بتوثيق جرائم النظام، ولكن ما دام النظام ممسك بمفاصل السلطة بدمشق فلا يوجد أي أمل بالعدالة أو المحاسبة.
وتابع بالقول: “أنا اتصلت بالسيد “محمد كعكة” رئيس الاتحاد السوري للدفاع عن المعتقلين وطلبت منه أن يرفع شكوى وهو قام بالواجب”.
وقال مصدر آخر ورد اسمه في قرار الحجز لسوريا 24: إن هذا الفعل غير مستبعد على نظام قتل وشرد وحرق الاطفال والنساء ودمر المساجد والمشافي، معتبرًا أن هذا الأمر مخالف للقوانين الدولية والعرفية والشرعية، ولكن مثل هكذا قرار يثبت أن النظام يريد الانتقام بمن اسماهم بالإرهابيين وبكل من وقف ضده وخرج يطالب بحريته وبكرامته.
وأكد المصدر ذاته، أن النظام كاذب في بياناته التي تدعو الذين خرجوا إلى الشمال السوري الإسراع في التسجيل للعودة إلى بلدهم وبيوتهم، وأنه يدعوهم للعودة للانتقام منهم بطريقة أو بأخرى، مشددًا على أن هذا الإجراء لن يجعلهم يغيروا من مبادئهم وأفكارهم من أن الظلم سيزول وأن الظالم سينال عقابه عاجلًا أم آجلًا، وأن الثورة سوف تنتصر ولو بعد حين.
قوانين تضمن للنظام سرقة ممتلكات المدنيين
وتعليقًا منه على قرار الحجز المسرب، قال المحامي “علي رشيد الحسن” رئيس
تجمع المحامين السوريين الأحرار: إن “نظام الأسد الإرهابي يسعى منذ انطلاق الحراك
الثوري السلمي نحو الديمقراطية في عام 2011 للانتقام من معارضيه بأشكال مختلفة، منها
الاعتقال التعسفي والقتل والتعذيب” على حد تعبيره.
وتابع في حديثه لـ SY24: “ثم لجأ إلى سن العديد من القوانين والأحكام القانونية التي تضمن له سرقة وسلب ممتلكات السوريين الداعمين للثورة السورية منها المرسوم رقم /63/ لعام 2012 الذي نص على أنه يحق لسلطات الضابطة العدلية في معرض التحقيقات التي تجريها بشأن الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، والجرائم الواردة في المرسوم رقم 19 لعام 2012/7/2 أن تطلب خطياً إلى وزير المالية اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للمتهم”.
وأوضح، أن “المرسوم 19 يُعرف باسم “قانون مكافحة الإرهاب” واستغل النظام المادة الرابعة منه إذ تقضي هذه المادة “بمصادرة الأملاك المنقولة وغير المنقولة لكل من يثبت دعمة للإرهاب ” من أجل معاقبة كل من ثار ضده والاستيلاء على أملاكهم”.
وأشار “رشيد الحسن” إلى أن “نظام الأسد زاد في هذه الآونة من قرارات الحجز الاحتياطي بذرائع عدة، أبرزها الاتهام بتمويل الإرهاب والتخابر مع دولة معادية أو محاولة قلب نظام الحكم، حتى النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي شملهم الحجز”.
قرارات لا تستند إلى شرعية أو قانونية
ويرى رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، أن “الحجز على الملكيات ليس إلا إرهابا إضافيا يمارسه النظام المجرم على الصعيد الاقتصادي أسوةً بإرهابه السياسي والأمني، علماً أن الحجز الاحتياطي هو إجراء احترازي للحفاظ على المال العام تتخذه جهة قضائية بعد توصية وطلب من جهة تنفيذية، لكنه في سوريا وخاصة بعد الثورة بات أداة ضغط معتمده من نظام الأسد، ويتم بإيعاز من السلطات الأمنية ولاعتبارات كيدية”، على حد وصفه.
ولفت “رشيد الحسن” الانتباه، إلى أن وزارة المالية التابعة لنظام الأسد أفادت أن قرار الحجز الاحتياطي هو بحق (من تورط بالموقف أو الكلمة) إدراكا من النظام المجرم على أن الكلمة لها تأثير لا يقل عن البراميل الغبية والقذائف الصاروخية عليه، معتبرًا أن هذه القرارات لا تستند إلى أي أساس قانوني أو شرعي.
وبينّ “رشيد الحسن” أن هناك طرقًا قانونية على المواطنين المحجوز عليهم أو المتضررين من الحجز إتباعها، ومنها أولا الاعتراض عليه خلال ثمانية أيام من تاريخ تبليغه إشارة الحجز أو قرار الحجز الاحتياطي أو من تاريخ علمه بالحجز.
وثانياً، يمكن رفع دعوى قضائية تسمى (دعوى مبتدأه) أمام محكمة البداية المدنية لأبطال الحجز على الجهة التي أصدرت قرار الحجز الاحتياطي، ويستطيع رافع الدعوى إيراد الأدلة التي تثبت عدم أحقية الجهة التي قامت بالحجز وإبطاله هذا أما شخصيا او عن طريق وكيل رسمي أن لم يكن معتقل أو مختفي قسريا أو مغيب تعسفيا أو نازح أو لاجئ، وفي هذه الحالة لا يمكن لأحد أقاربه من الأصول أو الفروع الاعتراض على قرار الحجز الاحتياطي أو رفع دعوى لإبطاله من دون توكيل رسمي منه.
في حين لا يجرؤ أي شخص من المحجوز على أملاكه أو من أقاربه على السؤال عن موضوع الحجز، بحسب المصدر الحقوقي ذاته، حتى لا يتم اعتقاله أو يتعرض للملاحقة من قبل أفرع الأمن السورية، كما أن القضاء السوري خاضع لوزارة العدل وبالتالي هي لا تستطيع مخالفة توجهات النظام المجرم الذي سرق أرواح المواطنين الأبرياء وحرياتهم وممتلكاتهم، وبذلك يكون خالف أبسط حقوق الإنسان وفتح الباب أمام تغير ديمغرافي و”قوننة” مصادرة أملاك السوريين المنقولة وغير المنقولة للنازحين واللاجئين، من أجل منع عودتهم إلى بيوتهم ومناطقهم.
وبحسب “رشيد الحسن” فإن على منظمات المجتمع المدني التي تعمل بالشأن القانوني والتوثيق أن توثق كل هذه المخالفات القانونية من النظام السوري، ورفع دعاوي أمام المحاكم الدولية، ومناشدة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الدولية، للوقوف بجانب الشعب السوري ومنع النظام السوري من مصادرة أملاك السوريين.
وفي أسفل التقرير وثائق لأسماء أشخاص بدأ النظام السوري بسرقة ممتلكاتهم في مدينة دوما